قوله سبحانه :﴿ وَلَوْ أَنَّا أهلكناهم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ... ﴾ أي : من قبل إرسالنا إليهم محمداً، ﴿ لقَالُوا رَبَّنَا لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إلَيْنَا رَسُولاً... ﴾ الآية، وروى أبو سعيد الخِدْرِي، عن النبي ﷺ قال :" يَحْتَجُّ عَلَى اللَّه تعالى يَوْمَ القِيَامَةِ ثَلاَثَةٌ : الهَالِكُ فَي الفَتْرَةِ، والمَغْلُوبُ على عَقْلِهِ، والصَّبِيُّ الصَّغيرُ : فيقُولُ المَغْلُوبُ على عَقْلِهِ : رَبِّ، لَمْ تَجْعَلْ لِيَ عَقْلاً، ويَقَولُ الصَّبِيُّ نَحْوَهُ، ويَقُولُ الهَالِكُ فِي الفَتْرَةِ. رَبِّ، لَمْ يُرْسِلْ إِلَيَّ رَسَولاً، وَلَوْ جَاءَنِي، لَكُنْتُ أَطْوَعَ خَلْقِكَ لَكَ، قَالَ : فَتَرْتَفِعُ لَهُمْ نَارٌ، وَيَقَالُ لَهُمُ : رُدُوهَا، فَيَرِدُهَا مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّه أَنَّهُ سَعِيدٌ وَيَكَعُ عَنْهَا الشَّقِيُّ، فَيَقُولُ اللَّه تعالى : إيَّايَ عَصَيْتُمْ فَكَيْفَ بِرْسُلِي لَوْ أَتَتْكُمْ ". قال ( ع ) : أما الصبيُّ، والمغلوبُ على عقله، فبَيّن أمرهما، وأما صاحبُ الفَترة، فليس ككفَّارِ قريش قبل بعثة النبي ﷺ، لأن كفار قريش، وغيرهم مِمَّنْ علم وسمع نبوءة ورسالة في أقطار الأرضِ، ليسٍ بصاحب فترةٍ، وقد، قال النبيُّ ﷺ لرجل :" أبيِ وَأَبُوكَ فِي النَّارِ " ورأى ﷺ، عَمَرْو بْنَ لُحَيٍّ في النار إلى غير هذا مِمَّا يطوُلَ ذِكْرهِ، وإنما صاحبُ الفترة يفرض أنه آدميٌّ لم يطرأ إليه أن اللَّه تعالى بعث رَسُولاً، ولاَ دَعا إلى دِينٍ، وهذا قليلُ الوجود إلاّ أن يشذ في أطراف الأرض، والمواضع المنقطعة عن العمران.
* ت * : والصحيح في هذا الباب :«أَنَّ أوْلادَ المُشْرِكينَ في الجَنَّةِ، وأمَّا أَوَلاَدُ المُسْلِمِينَ فَفِي الجَنَّةِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ» متفق عليه.