وقال أبو السعود :
﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بالصلاة ﴾
أُمر عليه السلام بأن يأمر أهلَ بيته والتابعين له من أمته بالصلاة بعد ما أُمر هو بها ليتعاونوا على الاستعانة على خَصاصتهم ولا يهتموا بأمر المعيشة ولا يلتفتوا لفتَ أربابِ الثروة ﴿ واصطبر عَلَيْهَا ﴾ وثابرْ عليها غيرَ مشتغلٍ بأمر المعاش ﴿ لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً ﴾ أي لا نكلّفك أن ترزُقَ نفسَك ولا أهلَك ﴿ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ﴾ وإياهم ففرِّغْ بالَك بأمر الآخرة ﴿ والعاقبة ﴾ الحميدةُ ﴿ للتقوى ﴾ أي لأهل التقوى، على حذف المضافِ وإقامة المضافِ إليه مُقامَه تنبيهاً على أن مَلاكَ الأمر هو التقوى. روي أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا أصاب أهلَه ضُرٌّ أمرهم بالصلاة وتلا هذه الآية ﴿ وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا بِئَايَةٍ مّن رَّبّهِ ﴾ حكاية لبعض أقاويلهم الباطلةِ التي أُمر عليه السلام بالصبر عليها، أي هلا يأتينا بآية تدل على صدقة في دعوى النبوةِ أو بآية مما اقترحوها بلغوا من المكابرة والعِناد إلى حيث لم يعُدوا ما شاهدوا من المعجزات التي تخِرّ لها صُمُّ الجبال من قبيل الآيات حتى اجترأوا على التفوه بهذه العظيمة الشنعاء، وقوله تعالى :﴿ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيّنَةُ مَا فِى الصحف الأولى ﴾ أي التوراةِ والإنجيل وسائرِ الكتبِ السماوية، ردٌّ من جهته جل وعلا لمقالتهم القبيحةِ وتكذيبٌ لهم فيما دسوا تحتها من إنكار مجيءِ الآية بإتيان القرآنِ الكريم الذي هو أمُّ الآياتِ وأُسُّ المعجزات وأعظمُها وأبقاها، لأن حقيقةَ المعجزةِ اختصاصُ مدّعي النبوة بنوع من الأمور الخارقةِ للعادات أيِّ أمرٍ كان، ولا ريب في أن العلمُ أجلُّ الأمور وأعلاها إذ هو أصلُ الأعمال ومبدأَ الأفعالِ ولقد ظهر مع حيازته لجميع علومِ الأولين والآخرين على يد أميَ لم يمارس شيئاً من العلوم ولم يدارس أحداً من أهلها أصلاً، فأيُّ معجزة تُراد بعدَ ورودِه وأيُّ آية ترام مع وجوده، وفي إيراده بعنوان كونِه بينةَ ما في الصحف الأولى ومن التوراة