والإنجيل وسائرِ الكتبِ السماوية أي شاهداً بحقية ما فيها من العقائد الحقةِ وأصولِ الأحكام التي أجمعت عليها كافةُ الرسل، وبصحة ما تنطِقُ به من أنباء الأمم من حيث أنه غنيٌّ بإعجازه عما يشهد بحقّيته، حقيقٌ بإثبات حقّيةِ غيرِه ما لا يخفى من تنويه شأنِه وإنارة برهانِه، ومزيدُ تقريرٍ وتحقيقٍ لإتيانه، وإسنادُ الإتيان إليه مع جعلهم إياه مأتياً به للتنبيه على أصالته فيه مع ما فيه من المناسبة للبينة، والهمزةُ لإنكار الوقوعِ والواوُ للعطف على مقدر يقتضيه المقامُ، كأنه قيل : ألم يأتهم سائرُ الآياتِ ولم تأتهم خاصةً بينةُ ما في الصحف الأولى؟ تقريراً لإتيانه وإيذاناً من الوضوح بحيث لا يتأتى منهم إنكارُه أصلاً وإن اجترأوا على إنكار سائر الآياتِ مكابرةً وعِناداً، وقرىء أولم يأتهم بالياء التحتانية، وقرىء الصُّحْفِ بالسكون تخفيفاً.
وقوله تعالى :﴿ وَلَوْ أَنَّا أهلكناهم بِعَذَابٍ ﴾ إلى آخر الآية جملةٌ مستأنفةٌ سيقت لتقرير ما قبلها من كون القرآن آيةً بينةً لا يمكن إنكارُها ببيان أنهم يعترفون بها يوم القيامة، والمعنى لو أنا أهلكناهم في الدنيا بعذاب مستأصِل ﴿ مِن قَبْلِهِ ﴾ متعلقٌ بأهلكنا أو بمحذوف هو صفةٌ لعذاب أي بعذاب كائنٍ من قبل إتيانِ البينة أو قبلِ محمد عليه الصلاة والسلام ﴿ لَقَالُواْ ﴾ أي يوم القيامة ﴿ رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا ﴾ في الدنيا ﴿ رَسُولاً ﴾ مع كتاب ﴿ فَنَتَّبِعَ ءاياتك ﴾ التي جاءنا بها ﴿ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ ﴾ بالعذاب في الدنيا ﴿ ونخزى ﴾ بدخول النار اليوم ولكنا لم نُهلكهم قبل إتيانِها فانقطعت معذِرتُهم فعند ذلك قالوا : بلى، قد جاءنا نذيرٌ فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء.
قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (١٣٥)


الصفحة التالية
Icon