قال تعالى "وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ" شيء قليل وطرف يسير كأدنى شيء "مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ" ٤٦ لأقروا على أنفسهم بالظلم حالا فكيف إذا أصابهم معظم العذاب أو صب عليهم كله يا ويل من لم يرجع إلى اللّه قبل أن لا يقبل منه الرجوع قال تعالى "وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ" فنزن بها أعمال الخلق فمن أحاطت حسناته بسيئاته فقد فاز ونجى ومن حاقت سيئاته بحسناته فقد خاب وخسر وإذ ذاك يظهر للكافرين قوله تعالى (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) الآية ١٠٧ من سورة الكهف المارة، إذ لا أعمال لهم صالحة، وقرىء القصط بالصاد لأنه قد يحل محل السين كما أن السين نحل محله في الصراط راجع تفسيره في سورة الفاتحة في ج ١، واللام هنا في يوم القيامة بمعنى في، وعليه قول مسكين الدارمي :
أولئك قومي قد مضوا لسبيلهم كما قد مضى من قبل عاد وتبّع
"فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً" بذلك الوزن لأن اللّه تعالى وصفها بالعدل على ما يعرفون أن منها ما يكون في الدنيا مستقيما ومنها ما لا يكون فبين اللّه تعالى لهم أن موازين الآخرة على العدل والاستقامة فلا يتصور فيها النقص والزيادة اللذان هما من دواعي الظلم "وَإِنْ" وصلية "كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ" لا يظلمه وهذا مبالغة في القلة بحسب عرفنا لأنا لا نرى أقل منها وإلا فاللّه تعالى يجازي ويثيب على أقل منها مما لا يدركه الطرف ولا يوزن "أَتَيْنا بِها" إلى فاعلها ليعلم أنا واقفون على كل حركاته وسكناته، وإنا نحاسبه عليها مهما كانت "وَكَفى بِنا حاسِبِينَ" ٤٧ عادين محصين ومتقنين أعمالكم عالمين بها حافظيها عليكم فنعفوا عمن نشاء ونعاقب من نشاء إذا شئنا على الفتيل والنقير والقطمير، قال الشبلي وقد رؤي بالمنام بعد مرته رحمه اللّه ما فعل اللّه بك فقال :


الصفحة التالية
Icon