أنفسهم فقالوا له "لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ" ٦٥ فكيف تكلفنا سؤالهم فلما رأى الحجة اتجهت عليهم "قالَ أَ فَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ" إن عبدتموه "شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ" ٦٦ إن تركتم عبادتها "أُفٍّ" راجع معناه في الآية ٢٣ من الإسراء في ج ١ "لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ" ٦٧ أنها لا تستحق العبادة فتتركونها، ثم طفق يندد بهم وبآلهتهم ويذمها ويحقرها ويسفههم، ولما جابههم بذلك وعرفوا أنه هو الفاعل حكموا عليه بما ذكره اللّه بقوله "قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ" ٦٨ به شيئا يرفع العار عنكم وعن آلهتكم، لأنه طعن فيكم ووصم آلهتكم جهرا ولم يحترم أحدا ولم يقلع عما هو عليه ولم يعتذر، قالوا فقبضوه وحبسوه في حظيرة في قرية كوني، وأمر النمروذ الناس بجمع الحطب مدة ستة أشهر، حتى صار المرضى وذو العاهات والحاجات ينذرون جمع الحطب لإحراقه إذا أجيبت دعواتهم، قاتلهم اللّه ما أحمقهم، ثم أوقدوا ما جمعوه مدة سبعة أيام حتى صارت الطير في جو السماء تحترق من وهجها، فأخرجوا إبراهيم ليلقوه فيها، فلم يقدروا أن يتقربوا منها ولم يعلموا كيفية إلقائه بوسطها ليتم لهم ما قرروه، قالوا فخرج إبليس على صورة رجل منهم فعلمهم عمل المنجنيق (آلة قاذفة) فعملوه ووضعوه فيه مقيدا مغلولا ورموه في تلك المقذفة من محل عال مشرف على وسط النار، فتداركه الذي ألهمه ما عمل وأنطقه بما قال جلت قدرته بقوله "يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ" ٦٩ فكانت كذلك لأنها لا تحرق إلا بخلق اللّه الإحراق فيها "وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ" ٧٠ في سعيهم وعدم حصول مرادهم
"وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ" ٧١ أرض الشام والقدس.