السلام هل أصابك من هذه الرحمة شيء ؟ قال نعم، كنت أخشى العاقبة فأمنت لثناء اللّه تعالى علي في القرآن.
وقال ابن القيم في كتابه مفتاح السعادة لو لا النبوات لم يكن في العالم علم نافع البتة ولا عمل صالح ولا صلاح في معشية ولا قوام لمملكة، ولكان الناس بمنزلة البهائم والسباع العادية والكلاب الضارية التي يعدو بعضها على بعض، وكل خير في العالم من آثار النبوة، وكل شر وقع في العالم أو سيقع بسبب
إخفاء آثار النبوة ودرسها، فالعالم جسد روحه النبوة ولا قيام للجسد بدون روحه.
ولهذا فإذا انكسفت شمس النبوة من العالم ولم يبق في الأرض شيء من آثارها انشقت سماؤه وانتثرت كواكبه وكورت شمسه وخسف قمره ونسفت جباله وزلزلت أرضه وأهلك من عليها، فلا قيام للعالم إلا بآثار النبوة، وإذا سلم هذا علم منه بواسطة كونه صلّى اللّه عليه وسلم أكمل النبيين، وما جاء به أجمل مما جاءوا به عليهم السلام وإن لم يكن في الأصول اختلاف.
ووجه كونه صلّى اللّه عليه وسلم أرسل رحمة للعالمين أجمع أسودهم وأحمرهم عربهم وعجمهم هو أنه أكرمهم على اللّه، وأحبهم إليه، وأنفعهم لعباده وأتقاهم، وأرضاهم إليه، وأسخاهم فيما لديه، وأوفرهم نصيبا عنده وأكثرهم مروءة بخلقه وغيرة على دينه وكونه خاتم الرسل.
وما قبل إن العالمين خاص بالمؤمنين غير وجيه لعدم وجود ما يخصصه بهم، بل إنه عام مطلق، وقد بعث صلّى اللّه عليه وسلم رحمة لكل فرد من أفراده إنسهم وجنهم وملائكهم، إلا أن الرحمة متفاوتة فتكون لكل بحسبه بمقتضى أعماله، كما أن العذاب والعقاب يكون كذلك.
هذا وقد أخرج مسلم عن أبي هريرة قال : قيل يا رسول اللّه أدع على المشركين، قال إني لم أبعث لعّانا وإنما بعثت رحمة.
قال تعالى "قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ" إنما أداة حصر، والحصر قصر الحكم على شيء، أو قصر