واعلم يا سيد الرسل أن هؤلاء الكفرة لم يكتفوا بقولهم لك ساحر والقرآن سحر "بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ" أباطيل رآها في نومه، ثم انتقلوا إلى ما هو أفظع فقالوا "بَلِ افْتَراهُ" اختلقه من نفسه، ثم أضربوا فقالوا "بَلْ هُوَ شاعِرٌ" وذلك أن الكفرة تضاربت آراؤهم وتنافت أقوالهم إذ اختلفوا في وصف محمد وما يتلوه عليهم على ثمانية أقوال : ١ - منهم من قال إن ما يأتي به من أساطير الأولين وهو ناقل لها، ٢ - ومنهم من قال يتعلم من الغير ويتلوه عليكم، ٣ - ومنهم من قال القرآن كهانة ومحمد كاهن، ٤ - ومنهم من قال إنه سحر وهو ساحر ٥ - ومنهم من قال إنه شعر وهو شاعر، ٦ - ومنهم من قال إنه نثر مسجع وهو ألفه، ٧ - ومنهم من قال اختلقه من نفسه وهو مختلق مبتدع، ٨ - ومنهم من قال أباطيل نوم يراعا وينسبها إلى اللّه.
قاتلهم اللّه وعذبهم في أصناف ناره وحرمهم من أنواع جنته، وقد كذبوا كلهم فيما تقولوه ولمّا عرفوا أنهم لم يصيبوا الهدف تحدوه فقالوا "فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ" من لدن ربه تدل على صحة دعواه "كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ" ٥ بالآيات مثل موسى وعيسى ومن قبلها، ومن هنا يفهم أن ما قاله بعضهم إن المراد
بالذكر المحدث في الآية الثانية المارة هو قول الرسول.
قول لا قيمة له ولا يستند إلى قول بل المراد ما ذكرناه في تفسيرها لا غير واللّه أعلم.