وقال ابن عطية :
﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (١) ﴾
روي أن رجلاً من أصحاب النبي ﷺ كان يبني جداراً فمر به آخر في يوم نزول هذه السورة فقال الذي كان يبني الجدار ماذا نزل اليوم من القرآن ؟ فقال الآخر نزل اليوم ﴿ اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ﴾ فنفض يده من البنيان وقال والله لا بنيت أبداً وقد اقترب الحساب، وقوله تعالى :﴿ اقترب للناس حسابهم ﴾ عام في جميع الناس، المعنى وإن كان المشار إليه في ذلك الوقت كفار قريش ويدل على ذلك ما بعد من الآيات، وقوله ﴿ وهم في غفلة معرضون ﴾ يريد الكفار.
قال القاضي أبو محمد : ويتجه من هذه الألفاظ على العصاة من المؤمنين قسطهم، وقوله ﴿ ما يأتيهم ﴾ وما بعده مختص بالكفار، وقوله ﴿ من ذكر من ربهم محدث ﴾ قالت فرقة المراد منا ينزل من القرآن ومعناه ﴿ محدث ﴾ نزوله وإتيانه إياهم لا هو في نفسه، وقالت فرقة المراد ب " الذكر " أقوال النبي ﷺ في أمر الشريعة ووعظه وتذكيره فهو محدث على الحقيقة وجعله من ربه من حيث إن النبي ﷺ لا ينطق عن الهوى ولا يقول إلا ما هو من عند الله، وقالت فرقة " الذكر " الرسول نفسه واحتجت بقوله تعالى ﴿ قد أنزل الله إليكم ذكراً رسولاً يتلو عليكم آيات الله مبينات ﴾ [ الطلاق : ١١ ] فهومحدث على الحقيقة ويكون، قوله ﴿ استمعوه ﴾ بمعنى استمعوا إليه، وقوله تعالى :﴿ وهو يلعبون ﴾ جملة في موضع الحال أي أسماعهم في حال لعب غير نافع ولا واصل النفس.