وهذه الواو عند سيبويه بمعنى "إذ" وهي التي يسميها النحويون واو الحال ؛ كما قال الله تبارك وتعالى :﴿ يغشى طَآئِفَةً مِّنْكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ ﴾ [ آل عمران : ١٥٤ ].
قوله تعالى :﴿ مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ ﴾ "مُحْدَثٍ" نعت ل"ذكر".
وأجاز الكسائي والفراء "مُحْدَثاً" بمعنى ما يأتيهم محدثاً ؛ نصب على الحال.
وأجاز الفراء أيضاً رفع "مُحْدَث" على النعت للذِّكر ؛ لأنك لو حذفت "مِن" رفعت ذكراً ؛ أي ما يأتيهم ذكر من ربهم مُحدَث ؛ يريد في النزول وتلاوة جبريل على النبي ﷺ، فإنه كان ينزل سورة بعد سورة، وآية بعد آية، كما كان ينزله الله تعالى عليه في وقت بعد وقت ؛ لا أن القرآن مخلوق.
وقيل : الذكر ما يذكرهم به النبي ﷺ ويعظهم به.
وقال :﴿ مِّن رَّبِّهِمْ ﴾ لأن النبي ﷺ لا ينطق إلا بالوحي، فوعظ النبي ﷺ وتحذيره ذكر، وهو محدث ؛ قال الله تعالى :
﴿ فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ ﴾ [ الغاشية : ٢١ ].
ويقال : فلان في مجلس الذكر.
وقيل : الذكر الرسول نفسه ؛ قاله الحسين بن الفضل بدليل ما في سياق الآية ﴿ هَلْ هاذآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ﴾ [ الأنبياء : ٣ ] ولو أراد بالذكر القرآن لقال : هل هذا إلا أساطير الأوّلين ؛ ودليل هذا التأويل قوله تعالى :﴿ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ﴾ [ القلم : ٥١ ٥٢ ] يعني محمداً صلى الله عليه وسلم.
وقال :﴿ قَدْ أَنزَلَ الله إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَّسُولاً ﴾ [ الطلاق : ١٠ ١١ ].
﴿ إِلاَّ استمعوه ﴾ يعني محمداً ﷺ، أو القرآن من النبي ﷺ أو من أمته.
﴿ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴾ الواو واو الحال يدل عليه ﴿ لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ ﴾ ومعنى "يَلْعَبُونَ" أي يلهون.


الصفحة التالية
Icon