وما روي عن ابن عباس أنها حضوراء قرية باليمن، وعن ابن وهب عن بعض رجاله أنهما قريتان باليمن بطر أهلهما فيحمل على سبيل التمثيل لا على التعيين في القرية، لأن ﴿ كم ﴾ تقتضي التكثير.
ومن حديث أهل حضوراء أن الله بعث إليهم نبياً فقتلوه، فسلط الله عليهم بخت نصر كما سلطه على أهل بيت المقدس بعث إليهم جيشاً فهزموه، ثم بعث آخر فهزموه، ثم خرج إليهم بنفسه فهزمهم في الثالثة، فلما أخذ القتل فيهم ركضوا هاربين.
﴿ فلما أحسوا بأسنا ﴾ أي باشروه بالإحساس والضمير في ﴿ أحسوا ﴾ عائد على أهل المحذوف من قوله ﴿ وكم قصمنا من قرية ﴾ ولا يعود على قوله ﴿ قوماً آخرين ﴾ لأنه لم يذكر لهم ذنب يركضون من أجله، والضمير في ﴿ منها ﴾ عائد على القرية، ويحتمل أن يعود على ﴿ بأسنا ﴾ لأنه في معنى الشدة، فأنث على المعنى ومن على هذا السبب، والظاهر أنهم لما أدركتهم مقدمة العذاب ركبوا دوابهم يركضونها هاربين منهزمين.
قيل : ويجوز أن شبهوا في سرعة عدوهم على أرجلهم بالراكبين الراكضين لدوابهم فهم ﴿ يركضون ﴾ الأرض بأرجلهم، كما قال ﴿ اركض برجلك ﴾ وجواب لما ﴿ إذا ﴾ الفجائية وما بعدها، وهذا أحد الدلائل على أن لما في هذا التركيب حرف لا ظرف، وقد تقدم لنا القول في ذلك.


الصفحة التالية
Icon