وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلَهُ مَن فِي السماوات والأرض ﴾
أي ملكاً وخلقاً فكيف يجوز أن يشرك به ما هو عبده وخلقه.
﴿ وَمَنْ عِنْدَهُ ﴾ يعني الملائكة الذين ذكرتم أنهم بنات الله.
﴿ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ أي لا يأنفون ﴿ عَنْ عِبَادَتِهِ ﴾ والتذلل له.
﴿ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ ﴾ أي يعيون ؛ قاله قتادة.
مأخوذ من الحسير وهو البعير المنقطع بالإعياء والتعب، ( يقال ) : حسر البعير يحسِر حُسوراً أعيا وكَلّ، واستحسر وتحسر مثله، وحسرته أنا حسراً يتعدى ولا يتعدى، وأحسرته أيضاً فهو حسير.
وقال ابن زيد : لا يملون.
ابن عباس : لا يستنكفون.
وقال أبو زيد : لا يكلّون.
وقيل : لا يفشلون ؛ ذكره ابن الأعرابي ؛ والمعنى واحد.
﴿ يُسَبِّحُونَ الليل والنهار ﴾ أي يصلون ويذكرون الله وينزهونه دائما.
﴿ لاَ يَفْتُرُونَ ﴾ أي لا يضعفون ولا يسأمون، يلهمون التسبيح والتقديس كما يلهمون النَّفَس.
قال عبد الله بن الحرث سألت كعباً فقلت : أما لهم شغل عن التسبيح؟ أما يشغلهم عنه شيء؟ فقال : من هذا؟ فقلت : من بني عبد المطلب ؛ فضمني إليه وقال : يا ابن أخي هل يشغلك شيء عن النفس؟! إن التسبيح لهم بمنزلة النَّفَس.
وقد استدل بهذه الآية من قال : إن الملائكة أفضل من بني آدم.
وقد تقدّم والحمد لله. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١١ صـ ﴾