وجوز بعض الأفاضل أن تكون الجملة مستأنفة والأظهر جعلها خبراً لمن عنده، وفي بعض أوجه الحالية ما لا يخفى
﴿ لاَ يَفْتُرُونَ ﴾ في موضع الحال من مضير ﴿ يَسْبَحُونَ ﴾ على تقديري الاستئناف والحالية، وجوز على تقدير الحالية أن يكون هذا حالاً من ضمير ﴿ لا يَسْتَحْسِرُونَ ﴾ [ الأنبياء : ١٩ ] أيضاً، ولا يجوز على تقدير الاستئناف كونه حالاً منه للفصل.
وجوز أن يكون استئنافاً والمعنى ينزهون الله تعالى ويعظمونه ويمجدونه في كل الأوقات لا يتخلل تسبيحهم فترة أصلاً بفراغ أو شغل آخر، واستشكل كون الملائكة مطلقاً كذلك مع أن منهم رسلاً يبلغون الرسالة ولا يتأتى التسبيح حال التبليغ ومنهم من يلعن الكفرة كما ورد في آية أخرى.
وقد سأل عبد الله بن الحرث بن نوفل كعباً عن ذلك كما أخرج ابن المنذر.
وابن أبي حاتم.
وأبو الشيخ في العظمة.
والبيهقي في "الشعب" فأجاب بأنه جعل لهم التسبيح كالتنفس فلا يمنع عن التكلم بشيء آخر.
وتعقب بأن فيه بعداً، وقيل إن الله تعالى خلق لهم ألسنة فيسبحون ببعض ويبلغون مثلاً ببعض آخر، وقيل تبليغهم ولعنهم الكفرة تسبيح معنى.
وقال الخفاجي : الظاهر أنه إن لم يحمل على بعضهم فالمراد به المبالغة كما يقال فلان لا يفتر عن ثنائك وشكر آلائك انتهى.
ولا يخفى حسنه، ويجوز أن يقال : إن هذا التسبيح كالحضور والذكر القلبي الذي يحصل لكثير من السالكين وذلك مما يجتمع مع التبليغ وغيره من الأعمال الظاهرة، ثم إن كون الملائكة يسبحون الليل والنهار لا يستلزم أن يكون عندهم في السماء ليل ونهار لأن المراد إفادة دوامهم على التسبيح على الوجه المتعارف. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon