وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ أَمِ اتخذوا آلِهَةً مِّنَ الأرض هُمْ يُنشِرُونَ ﴾
قال المفضل : مقصود هذا الاستفهام الجحد، أي لم يتخذوا آلهة تقدر على الإحياء.
وقيل :"أم" بمعنى "هل" أي هل اتخذ هؤلاء المشركون آلهة من الأرض يحيون الموتى.
ولا تكون "أم" هنا بمعنى بل ؛ لأن ذلك يوجب لهم إنشاء الموتى إلا أن تقدر "أم" مع الاستفهام فتكون "أم" المنقطعة فيصح المعنى ؛ قاله المبرد.
وقيل :"أم" عطف على المعنى أي أفخلقنا السماء والأرض لعباً، أم هذا الذي أضافوه إلينا من عندنا فيكون لهم موضع شبهة؟ أو هل ما اتخذوه من الآلهة في الأرض يحيي الموتى فيكون موضع شبهة؟.
وقيل :﴿ لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ [ الأنبياء : ١٠ ] ثم عطف عليه بالمعاتبة، وعلى هذين التأويلين تكون "أم" متصلة.
وقرأ الجمهور "يُنْشِرُونَ" بضم الياء وكسر الشين من أنشر الله الميت فنُشِر أي أحياه فحيي.
وقرأ الحسن بفتح الياء ؛ أي يحيون ولا يموتون.
قوله تعالى :﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا ﴾
أي لو كان في السموات والأرضين آلهة غير الله معبودون لفسدتا.
قال الكسائي وسيبويه :"إلاّ" بمعنى غير فلما جعلت إلا في موضع غير أعرب اسم الذي بعدها بإعراب غير، كما قال :
وكلُّ أخٍ مفارقُه أخوهُ...
لَعَمْرُ أبيكَ إلاّ الْفَرْقَدَان
وحكى سيبويه : لو كان معنا رجل إلا زيد لهلكنا.
وقال الفراء :"إلا" هنا في موضع سوى، والمعنى : لو كان فيهما آلهة سوى الله لفسد أهلها.
وقال غيره : أي لو كان فيهما إلهان لفسد التدبير ؛ لأن أحدهما إن أراد شيئاً والآخر ضده كان أحدهما عاجزاً.
وقيل : معنى "لَفَسَدَتَا" أي خربتا وهلك من فيهما بوقوع التنازع بالاختلاف الواقع بين الشركاء.
﴿ فَسُبْحَانَ الله رَبِّ العرش عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ نَزّه نفسه وأمر العباد أن ينزهوه عن أن يكون له شريك أو ولد.