وقوله ﴿ كانتا ﴾ في القولين الأولين بمنزلة قولك كان زيد حياً، أي لم يكن، وفي القولين الآخرين بمنزلة قولك كان زيداً عالماً أي وهو كذلك، وقرأ ابن كثير وحده " ألم ير " بإسقاط الواو. وقوله ﴿ وجعلنا من الماء كل شيء حي ﴾ بين أنه ليس على عموم فإن الملائكة والجن قد خرجوا عن ذلك، ولكن الوجه أن يحمل على أعم ما يمكن فالحيوان أجمع والنبات على أن الحياة فيه مستعارة داخل في هذا، وقالت فرقة المراد ب ﴿ الماء ﴾ المني في جميع الحيوان، ثم وقفهم على ترك الإيمان توبيخاً وتقريعاً.
﴿ وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ ﴾
" الرواسي " جمع راسية أي ثابتة يقال رسا يرسو إذا ثبت واستقر ولا يستعمل إلا في الأجرام الكبار كالجبال والسفينة ونحوه، ويروى أن الأرض كانت تكفأ بأهلها حتى ثقلها الله تعالى بالجبال فاستقرت، و" الميد " التحرك، و" الفجاج " الطرق المتسعة في الجبال وغيرها، و﴿ سبلاً ﴾ جمع سبيل، والضمير في قوله تعالى :﴿ فيها ﴾ يحتمل أن يعود على الرواسي ويحتمل أن يعود على ﴿ الأرض ﴾ وهو أحسن، و﴿ يهتدون ﴾ معناه في مسالكهم وتصرفهم. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾