وقال ابن الجوزى :
﴿ ومَنْ يَقُل منهم ﴾ أي : من الملائكة.
قال الضحاك في آخرين : هذه خاصة لإِبليس، لم يَدْعُ أحد من الملائكة إِلى عبادة نفسه سواه، قال أبو سليمان الدمشقي : وهذا قول من قال إِنه من الملائكة، فإن إِبليس قال ذلك للملائكة الذين هبطوا معه إِلى الأرض، ومن قال : إِنه ليس من الملائكة، قال : هذا على وجه التهديد، وما قال أحد من الملائكة ذلك.
قوله تعالى :﴿ أولم ير الذين كفروا ﴾ أي : أولم يعلموا.
وقرأ ابن كثير :"ألم ير الذين كفروا" بغير واو بين الألف واللام، وكذلك هي في مصاحف أهل مكة، ﴿ أنَّ السموات والأرض كانتا رَتْقاً ففتقناهما ﴾ قال أبو عبيدة : السموات جمع، والأرض واحدة، فخرجت صفة لفظ الجمع على لفظ صفة الواحد والعرب تفعل هذا إِذا أشركوا بين جمع وبين واحد ؛ والرَّتْق مصدر يوصف به الواحد والاثنان والجمع والمذكر والمؤنث سواء، ومعنى الرَّتْق : الذي ليس فيه ثقب.
قال الزجاج : المعنى : كانتا ذواتَي رَتْق، فجعلهما ذوات فتق، وإِنما لم يقل :"رَتْقَيْنِ" لأن الرَّتق مصدر.
وللمفسرين في المراد به ثلاثة أقوال.
أحدها : أن السموات كانت رَتْقاً لا تُمْطِر، وكانت الأرض رَتْقاً لا تُنْبِت، ففتق هذه بالمطر، وهذه بالنبات.
رواه عبد الله بن دينار عن ابن عباس، وبه قال عطاء، وعكرمة، ومجاهد في رواية، والضحاك في آخرين.
والثاني : أن السموات والأرض كانتا ملتصقتين، ففتقهما الله تعالى، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، وقتادة.
والثالث : أنَّه فَتق من الأرض ست أرضين فصارت سبعاً، ومن السماء ست سموات فصارت سبعاً، رواه السدي عن أشياخه، وابن أبي نجيح عن مجاهد.
قوله تعالى :﴿ وجَعَلْنَا من الماء كلَّ شيء حيٍّ ﴾ وقرأ معاذ القارىء، وابن أبي عبلة، وحميد بن قيس :"كلَّ شيء حيّاً" بالنصب.
وفي هذا الماء قولان.


الصفحة التالية
Icon