وقوله في هذه الآية الكريمة :﴿ وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ ﴾ أي يجارون : أي ليس لتلك الآلهة مجير يجيرهم منا. لأن الله يجير ولا يجاز عليه كما صرح بذلك في سورة ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون ﴾ [ المؤمنون : ١ ] في قوله :﴿ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [ المؤمنون : ٨٨ ]. والعرب تقول : أنا جار لك وصاحب من فلان. أي مجير لك منه. ومنه قول الشاعر :
_@_ينادي بأعلى صوته متعوِّذاً _@_ ليصحب منا والرماح دواني_@_ يعني ليجار ويُغاث منا. وأغلب أقوال العلماء في الآية راجعة إلى ما ذكرنا. كقول بعضهم ﴿ يُصْحَبُونَ ﴾ يُمنعون. وقول بعضهم يُنصرون. وقول بعضهم ﴿ وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ ﴾ أي لا يصحبهم الله بخير، ولا يجعل الرحمة صاحباً لهم. والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى :﴿ بَلْ مَتَّعْنَا هؤلاء وَآبَآءَهُمْ حتى طَالَ عَلَيْهِمُ العمر ﴾.
الظاهر أن الإضراب. ﴿ بَلْ ﴾ في هذه الآية الكريمة انتقالي. والإشارة في قوله ﴿ هؤلاء ﴾ راجعة إلى المخاطبين من قبل في قوله :﴿ قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بالليل والنهار مِنَ الرحمن ﴾ [ الأنبياء : ٤٢ ] الآية، وهم كفَّار قريش، ومن اتخذ آلهة من دون الله. والمعنى : أنه متَّع هؤلاء الكفار وآباءهم قبلهم بما رزقهم من نعيم الدنيا حتى طالت أعمارهم في رخاء ونعمة، فحملهم ذلك على الطغيان واللجاج في الكفر.