وما تضمنته هذه الآية الكريمة : من أنه تعالى يمهل الكفار ويملي لهم في النعمة، وأن ذلك يزيدهم كُفراً وضلالاً جاء موضحاً في مواضع كثيرة من كتاب الله تعالى، كقوله :﴿ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الذين كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ ليزدادوا إِثْمَاً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾ [ آل عمران : ١٧٨ ]، وقوله تعالى :﴿ والذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾ [ الأعراف : ١٨٢-١٨٣ ]، وقوله تعالى :﴿ قَالُواْ سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ ولكن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَآءَهُمْ حتى نَسُواْ الذكر وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً ﴾ [ الفرقان : ١٨ ]، وقوله تعالى :﴿ بَلْ مَتَّعْتُ هؤلاء وَآبَآءَهُمْ حتى جَآءَهُمُ الحق وَرَسُولٌ مُّبِينٌ وَلَمَّا جَآءَهُمُ الحق قَالُواْ هذا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ ﴾ [ الزخرف : ٢٩-٣٠ ] والآيات بمثل ذلك كثيرة. والعمر يطلق على مدة العيش.
قوله تعالى :﴿ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ أَفَهُمُ الغالبون ﴾.
في معنى إتيان الله الأرض ينقصها من أطرافها في هذه الآية الكريمة أقوال معروفة للعلماء : وبعضها تدل له قرينة قرآنية :
قال بعض العلماء : نقصها من أطرافها : موت العلماء، وجاء في ذلك حديث مرفوع عن أبي هرير. وبعد هذا القول عن ظاهر القرآن بحسب دلالة السياق ظاهر كما ترى.
وقال بعض أهل العلم : نقصها من أطرافها خرابها عند موت أهلها.