وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ وإِذا رآكَ الذين كَفَروا ﴾
قال ابن عباس : يعني المستهزئين، وقال السدي : نزلت في أبي جهل، مَرَّ به رسول الله، فضحك وقال : هذا نَبيُّ بني عبد مناف.
و"إِن" بمعنى "ما" ومعنى ﴿ هُزُواً ﴾ مهزوءاً به ﴿ أهذا الذي يَذْكُر آلهتكم ﴾ أي : يعيب أصنامكم، وفيه إِضمار "يقولون"، ﴿ وهم بِذِكْر الرحمن هم كافرون ﴾ وذلك أنهم قالوا : ما نعرف الرحمن، فكفروا بالرحمن.
قوله تعالى :﴿ خُلِقَ الإِنسانُ من عَجَلٍ ﴾ وقرأ أبو رزين العُقيلي، ومجاهد، والضحاك :"خَلَقَ الإنسانَ" بفتح الخاء واللام ونصب النون.
وهذه الآية نزلت حين استعجلت قريش بالعذاب.
وفي المراد بالإِنسان هاهنا ثلاثة أقوال.
أحدها : النضر بن الحارث، وهو الذي قال :﴿ اللهم إِن كان هذا هو الحقَّ من عندك...
الآية [ الانفال : ٣٢ ]، رواه عطاء عن ابن عباس.
والثاني : آدم عليه السلام، قاله سعيد بن جبير، والسدي في آخرين.
والثالث : أنه اسم جنس، قاله علي بن أحمد النيسابوري ؛ فعلى هذا يدخل النضر ابن الحارث وغيره في هذا وإِن كانت الآية نزلت فيه.
فأمَّا من قال : أُرِيدَ به آدم، ففي معنى الكلام قولان.
أحدهما : أنه خُلق عجولاً، قاله الأكثرون.
فعلى هذا يقول : لما طُبع آدم على هذا المعنى، وُجد في أولاده، وأورثهم العَجَل.
والثاني : خُلق بعَجَل، استَعجل بخَلْقه قبل غروب الشمس من يوم الجمعة، وهو آخر الأيام الستة، قاله مجاهد.
فأما من قال : هو اسم جنس، ففي معنى الكلام قولان.
أحدهما : خُلِقَ عَجُولاً ؛ قال الزجاج : خوطبت العرب بما تعقل، والعرب تقول للذي يكثر منه اللعب : إِنما خُلقتَ من لَعِب، يريدون المبالغة في وصفه بذلك.
والثاني : أن في الكلام تقديماً وتأخيراً، والمعنى : خُلقتِ العجلة في الإِنسان، قاله ابن قتيبة.
قوله تعالى :﴿ سأُريكم آياتي ﴾ فيه قولان.


الصفحة التالية
Icon