وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا موسى وَهَارُونَ الفرقان وَضِيَآءً ﴾
وحكي عن ابن عباس وعكرمة "الْفُرْقَانَ ضِيَاءً" بغير واو على الحال.
وزعم الفراء أن حذف الواو والمجيء بها واحد، كما قال الله عز وجل :﴿ إِنَّا زَيَّنَّا السمآء الدنيا بِزِينَةٍ الكواكب وَحِفْظاً ﴾ [ الصافات : ٦ ٧ ] أي حفظاً.
ورد عليه هذا القول الزجاج.
قال : لأن الواو تجيء لمعنى فلا تزاد.
قال : وتفسير "الفرقان" التوراة ؛ لأن فيها الفرق بين الحرام والحلال.
قال :"وَضِيَاءً" مثل "فِيهِ هُدًى وَنُورٌ" وقال ابن زيد :"الفرقان" هنا هو النصر على الأعداء ؛ دليله قوله تعالى :﴿ وَمَآ أَنزَلْنَا على عَبْدِنَا يَوْمَ الفرقان ﴾ [ الأنفال : ٤١ ] يعني يوم بدر.
قال الثعلبي : وهذا القول أشبه بظاهر الآية ؛ لدخول الواو في الضياء ؛ فيكون معنى الآية : ولقد آتينا موسى وهارون النصر والتوراة التي هي الضياء والذكر.
﴿ لَّلْمُتَّقِينَ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بالغيب ﴾ أي غائبين ؛ لأنهم لم يروا الله تعالى، بل عرفوا بالنظر والاستدلال أن لهم رباً قادراً، يجازي على الأعمال فهم يخشونه في سرائرهم، وخلواتهم التي يغيبون فيها عن الناس.
﴿ وَهُمْ مِّنَ الساعة ﴾ أي من قيامها قبل التوبة.
﴿ مُشْفِقُونَ ﴾ أي خائفون وجلون.
﴿ وهذا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ ﴾ [ الأنبياء : ٥٠ ] يعني القرآن ﴿ أَفَأَنْتُمْ لَهُ ﴾ يا معشر العرب ﴿ مُنكِرُونَ ﴾ وهو معجز لا تقدرون على الإتيان بمثله.
وأجاز الفراء "وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكاً أَنزَلْنَاهُ" بمعنى أنزلناه مباركاً. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١١ صـ ﴾