فصل


قال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿وَإِذَا رَاكَ الذين كَفَرُواْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هزؤاً﴾
قال السدي ومقاتل : نزلت هذه الآية في أبي جهل مر به النبي ﷺ وكان أبو سفيان مع أبي جهل، فقال أبو جهل لأبي سفيان : هذا نبي بني عبد مناف، فقال أبو سفيان : وما تنكر أن يكون نبياً في بني عبد مناف.
فسمع النبي ﷺ قولهما فقال لأبي جهل :" ما أراك تنتهي حتى ينزل بك ما نزل بعمك الوليد بن المغيرة، وأما أنت يا أبا سفيان : فإنما قلت ما قلت حمية " فنزلت هذه الآية، ثم فسر الله تعالى ذلك بقوله :﴿أهذا الذى يَذْكُرُ ءَالِهَتَكُمْ﴾ والذكر يكون بخير وبخلافه، فإذا دلت الحال على أحدهما أطلق ولم يقيد كقولك للرجل سمعت فلاناً يذكرك، فإن كان الذاكر صديقاً فهو ثناء، وإن كان عدواً فهو ذم، ومنه قوله تعالى :﴿سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إبراهيم﴾ [ الأنبياء : ٦٠ ] والمعنى أنه يبطل كونها معبودة ويقبح عبادتها.
وأما قوله تعالى :﴿وَهُمْ بِذِكْرِ الرحمن هُمْ كافرون﴾ فالمعنى أنه يعيبون عليه ذكر آلهتهم التي لا تضر ولا تنفع بالسوء، مع ﴿أَنَّهُمْ بِذِكْرِ الرحمن﴾ الذي هو المنعم الخالق المحيي المميت ﴿كافرون﴾ ولا فعل أقبح من ذلك، فيكون الهزؤ واللعب والذم عليهم يعود من حيث لا يشعرون، ويحتمل أن يراد ﴿بِذِكْرِ الرحمن﴾ القرآن والكتب، والمعنى في أعادة ( هم ) أن الأولى إشارة إلى القوم الذين كانوا يفعلون ذلك الفعل، والثانية إبانة لاختصاصهم به، وأيضاً فإن في أعادتها تأكيداً وتعظيماً لفعلهم.
أما قوله تعالى :﴿خُلِقَ الإنسان مِنْ عَجَلٍ﴾
ففيه مسائل :
المسألة الأولى :
في المراد من الإنسان قولان : أحدهما : أنه النوع، والثاني : أنه شخص معين.


الصفحة التالية
Icon