وقال الشيخ الشنقيطى :
﴿ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٤١) ﴾
في هذه الآية الكريمة تسلية للنبي ﷺ بأن إخوانه من الرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم استهزأ بهم الكفار، كما استهزءوا به صلى الله عليه وسلم. يعني : فاصبر كما صبروا، ولك العاقبة الحميدة، والنصر النهائي كما كان لهم. وما تضمنته هذه الآية الكريمة من ذلك جاء موضحاً في مواضع من كتاب الله. كقوله تعالى :﴿ مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ ﴾ [ فصلت : ٤٣ ]، وقوله تعالى :﴿ وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرسل مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ [ هود : ١٢٠ ] الآية، وقوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ على مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حتى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ الله وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ المرسلين ﴾ [ الأنعام : ٣٤ ]، وقوله تعالى :﴿ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الذين مِن قَبْلِهِمْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير ثُمَّ أَخَذْتُ الذين كَفَرُواْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴾ [ فاطر : ٢٥-٢٦ ]، وقوله تعالى :﴿ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى الله تُرْجَعُ الأمور ﴾ [ فاطر : ٤ ] والآيات بمثل ذلك كثيرة.
وقوله في هذه الآية الكريمة :﴿ فَحَاقَ بالذين ﴾ أي أحاط بهم. ومادة حاق يائية العين. بدليل قوله في المضارع :﴿ وَلاَ يَحِيقُ المكر السيىء إِلاَّ بِأَهْلِهِ ﴾ [ فاطر : ٤٣ ] ولا تستعمل هذه المادة إلا في إحاطة المكروه خاصة.