وقال الآلوسى :
﴿ قَالُواْ ﴾ أي حين رجعوا من عيدهم ورأوا ما رأوا ﴿ مَن فَعَلَ هذا ﴾ الأمر العظيم ﴿ بِآلِهَتِنَا ﴾ قالوه على طريقة الإنكار والتوبيخ والتشنيع، والتعبير عنها بالآلهة دون الأصنام أو هؤلاء للمبالغة في التشنيع، وقوله تعالى :﴿ إِنَّهُ لَمِنَ الظالمين ﴾ استئناف مقرر لما قبله، وجوز أبو البقاء أن تكون ﴿ مِنْ ﴾ موصولة مبتدأ وهذه الجملة في محل الرفع خبره أي الذي فعل هذا الكسر والحطم بآلهتنا إنه معدود من جملة الظلمة أما لجرأته على إهانتها وهي الحفية بالإعظام أو لتعريض نفسه للهلكة أو لإفراطه في الكسر والحطم، والظلم على الأوجه الثلاثة بمعنى وضع الشيء في غير موضعه.
﴿ قَالُواْ ﴾ أي بعض منهم وهم الذين سمعوا قوله عليه السلام ﴿ وتالله لاكِيدَنَّ أصنامكم ﴾ [ الأنبياء : ٥٧ ] عند بعض ﴿ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ ﴾ يعيبهم فلعله الذي فعل ذلك بهم، وسمع كما قال بعض الأجلة حقه أن يتعدى إلى واحد كسائر أفعال الحواس كما قرره السهيلي ويتعدى إليه بنفسه كثيراً وقد يتعدى إليه بإلى أو اللام أو الباء، وتعديه إلى مفعولين مما اختلف فيه فذهب الأخفش.
والفارسي في الإيضاح.
وابن مالك.
وغيرهم إلى أنه إن وليه ما يسمع تعدى إلى واحد كسمعت الحديث وهذا متفق عليه وإن وليه ما لا يسمع تعدي إلى اثنين ثانيهما مما يدل على صوت.
واشترط بعضهم كونه جملة كسمعت زيداً يقول كذا دون قائلاً كذا لأنه دال على ذات لا تسمع، وأما قوله تعالى :﴿ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ ﴾ [ الشعراء : ٧٢ ] فعلى تقدير مضاف أي هل يسمعون دعاءكم، وقيل : ما أضيف إليه الظرف مغن عنه، وفيه نظر، وقال بعضهم : إنه ناصب لواحد بتقدير مضاف مسموع قبل اسم الذات، والجملة أن كانت حال بعد المعرفة صفة بعد النكرة ولا تكون مفعولاً ثانياً لأنها لا تكون كذلك إلا في الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر وليس هذا منها.