أما قوله لسارة : إنها أختي، فالمراد أنها أخته في الدين، وإذا أمكن حمل الكلام على ظاهره من غير نسبة الكذب إلى الأنبياء عليهم السلام فحينئذ لا يحكم بنسبة الكذب إليهم إلا زنديق.
أما قوله تعالى :﴿فَرَجَعُواْ إلى أَنفُسِهِمْ فَقَالُواْ إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظالمون﴾ ففيه وجوه : الأول : أن إبراهيم عليه السلام لما نبههم بما أورده عليهم على قبح طريقهم تنبهوا فعلموا أن عبادة الأصنام باطلة، وأنهم على غرور وجهل في ذلك.
والثاني : قال مقاتل : فرجعوا إلى أنفسهم فلاموها وقالوا إنكم أنتم الظالمون لإبراهيم حيث تزعمون أنه كسرها مع أن الفأس بين يدي الصنم الكبير.
وثالثها : المعنى أنكم أنتم الظالمون لأنفسكم حيث سألتم منه عن ذلك حتى أخذ يستهزىء بكم في الجواب، والأقرب هو الأول.
أما قوله تعالى :﴿ثُمَّ نُكِسُواْ على رُؤُوسَهُمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هؤلاء يَنطِقُونَ﴾ فقال صاحب "الكشاف" : نكسه قلبه فجعل أسفله أعلاه وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
في المعنى وجوه : أحدها : أن المراد استقاموا حين رجعوا إلى أنفسهم وأتوا بالفكرة الصالحة، ثم انتكسوا فقلبوا عن تلك الحالة، فأخذوا [ في ] المجادلة بالباطل وأن هؤلاء مع تقاصر حالها عن حال الحيوان الناطق آلهة معبودة.
وثانيها : قلبوا على رؤوسهم حقيقة لفرط إطراقهم خجلاً وانكساراً وانخذالاً مما بهتهم به إبراهيم فما أحاروا جواباً إلا ما هو حجة عليهم.
وثالثها : قال ابن جرير ثم نكسوا على رؤوسهم في الحجة عليهم لإبراهيم حين جادلهم.
أي قلبوا في الحجة واحتجوا على إبراهيم بما هو الحجة لإبراهيم عليهم، فقالوا :﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاء يَنطِقُونَ﴾ فأقروا بهذه للحيرة التي لحقتهم، قال والمعنى نكست حجتهم فأقيم الخبر عنهم مقام الخبر عن حجتهم.
المسألة الثانية :


الصفحة التالية
Icon