قال صاحب "الكشاف" : قرأ معاذ بن جبل رضي الله عنه وبالله، وقرىء تولوا بمعنى تتولوا ويقويها قوله :﴿فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ﴾ فإن قلت : ما الفرق بين الباء والتاء ؟ قلت : إن الباء هي الأصل والتاء بدل من الواو المبدل منها والتاء فيها زيادة معنى وهو التعجب، كأنه تعجب من تسهيل الكيد على يده لأن ذلك كان أمراً مقنوطاً منه لصعوبته.
المسألة الثانية :
إن قيل لماذا قال :﴿لأَكِيدَنَّ أصنامكم﴾ والكيد هو الاحتيال على الغير في ضرر لا يشعر به وذلك لا يتأتى في الأصنام.
وجوابه : قال ذلك توسعاً لما كان عندهم أن الضرر يجوز عليها، وقيل : المراد لأكيدنكم في أصنامكم لأنه بذلك الفعل قد أنزل بهم الغم.
المسألة الثالثة :
في كيفية أول القصة وجهان : أحدهما : قال السدي : كانوا إذا رجعوا من عيدهم دخلوا على الأصنام فسجدوا لها ثم عادوا إلى منازلهم، فلما كان هذا الوقت قال آزر لإبراهيم عليه السلام : لو خرجت معنا فخرج معهم فلما كان ببعض الطريق ألقى نفسه وقال إني سقيم أشتكي رجلي فلما مضوا وبقي ضعفاء الناس نادى وقال :﴿تالله لأَكِيدَنَّ أصنامكم﴾ واحتج هذا القائل بقوله تعالى :﴿قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إبراهيم ﴾.
وثانيها : قال الكلبي : كان إبراهيم عليه السلام من أهل بيت ينظرون في النجوم وكانوا إذا خرجوا إلى عيدهم لم يتركوا إلا مريضاً فلما هم إبراهيم بالذي هم به من كسر الأصنام نظر قبل يوم العيد إلى السماء فقال لأصحابه : أراني أشتكي غداً فذلك قوله ؛


الصفحة التالية
Icon