وقال أبو حيان فى الآيات السابقة :
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (٥١) ﴾
التمثال : الصورة المصنوعة مشبهة بمخلوق من مخلوقات الله تعالى، مثلت الشيء بالشيء إذا شبهته به.
قال الشاعر :
ويا رب يوم قد لهوت وليلة...
بآنسة كأنها خط تمثال
الجذ : القطع.
قال الشاعر :
بنو المهلب جذ الله دابرهم...
أمسوا رماداً فلا أصل ولا طرف
﴿ ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين قال بل ربكم رب السموات والأرض الذي فطرهنّ وأنا على ذلكم من الشاهدين وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين فجعلهم جذاذاً إلا كبيراً لهم لعلهم إليه يرجعون ﴾.
لما تقدم الكلام في دلائل التوحيد والنبوة والمعاد أتبع ذلك بثلاثة عشر نبياً غير مراعي في ذكرهم الترتيب الزماني، وذكر بعض ما نال كثيراً منهم من الابتلاء كل ذلك تسلية للرسول ( ﷺ ) وليتأسى بهم فيما جرى عليه من قومه.
وقرأ الجمهور ﴿ رُشْده ﴾ بضم الراء وسكون الشين.
وقرأ عيسى الثقفى ﴿ رَشَدة ﴾ بفتح الراء والشين وأضاف الرشد إلى ﴿ إبراهيم ﴾ بمعنى أنه رشد مثله وهو رشد الأنبياء وله شأن أيّ شأن، والرشد النبوة والاهتداء إلى وجوه الصلاح في الدين والدنيا، أو هما داخلان تحت الرشد أو الصحف والحكمة أو التوفيق للخير صغيراً أقوال خمسة، والمضاف إليه من قبل محذوف وهو معرفة ولذلك بنى ﴿ قبل ﴾ أي ﴿ من قبل ﴾ موسى وهارون قاله الضحاك كقوله في الأنعام ﴿ ونوحاً هدينا من قبل ﴾ أي من قبل إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وأبعد من ذهب إلى أن التقدير ﴿ من قبل ﴾ بلوغه أو ﴿ من قبل ﴾ نبوته يعني حين كان في صلب آدم.