وأما بيان أنه لا يمتنع أيضاً أن يكون اختلافهما فيه بسبب النص فطريقه أن يقال : إن داود عليه السلام كان مأموراً من قبل الله تعالى في هذه المسألة بالحكم الذي حكم به، ثم إنه سبحانه نسخ ذلك بالوحي إلى سليمان عليه السلام خاصة وأمره أن يعرف داود ذلك فصار ذلك الحكم حكمهما جميعاً فقوله :﴿ففهمناها سليمان﴾ أي أوحينا إليه فإن قيل هذا باطل لوجهين : الأول : لما أنزل الله تعالى الحكم الأول على داود وجب أن ينزل نسخه أيضاً على داود لا على سليمان.
الثاني : أن الله تعالى مدح كلا منهما على الفهم ولو كان ذلك على سبيل النص لم يكن في فهمه كثير مدح إنما المدح الكثير على قوة الخاطر والحذاقة في الاستنباط.
المسألة الثالثة :
إذا أثبتم أنه يجوز أن يكون اختلافهما لأجل النص وأن يكون لأجل الاجتهاد فأي القولين أولى.
والجواب : الاجتهاد أرجح لوجوه : أحدها : أنه روى في الأخبار الكثيرة أن داود عليه السلام لم يكن قد بت الحكم في ذلك حتى سمع من سليمان أن غير ذلك أولى، وفي بعضها أن داود عليه السلام ناشده لكي يورد ما عنده وكل ذلك لا يليق بالنص، لأنه لو كان نصاً لكان يظهره ولا يكتمه.
السؤال الرابع : بينوا أنه كيف كان طريق الاجتهاد.


الصفحة التالية
Icon