والجواب عن الرابع : أنا لا نسلم أن ذلك كان عقوبة إذ الأنبياء لا يجوز أن يعاقبوا، بل المراد به المحنة، لكن كثير من المفسرين يذكرون في كل مضرة تفعل لأجل ذنب أنها عقوبة.
والجواب عن الخامس : أن الملامة كانت بسبب ترك الأفضل.
المسألة الرابعة :
قال صاحب "الكشاف" في الظلمات أي في الظلمة الشديدة المتكاثفة في بطن الحوت كقوله تعالى :﴿ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظلمات﴾ [ البقرة : ١٧ ] وقوله :﴿يُخْرِجُونَهُم مّنَ النور إِلَى الظلمات﴾ [ البقرة : ٢٥٧ ] ومنهم من اعتبر أنواعاً مختلفة من الظلمات فإن كان النداء في الليل فهناك ظلمة الليل والبحر وبطن الحوت، وإن كان في النهار أضيف إليه ظلمة أمعاء الحوت، أو أن حوتاً ابتلع الحوت الذي هو في بطنه، أو لأن الحوت إذا عظم غوصه في قعر البحر كان ما فوقه من البحر ظلمة في ظلمة، أما قول من قال : إن الحوت الذي ابتلعه غاص في الأرض السابعة فإن ثبت ذلك بخبر فلا كلام، وإن قيل بذلك لكي يقع نداؤه في الظلمات فما قدمناه يغني عن ذلك.
أما قوله :﴿أَن لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ﴾ فالمعنى بأنه لا إله إلا أنت، أو بمعنى أي، عن النبي ﷺ أنه قال :" ما من مكروب يدعو بهذا الدعاء إلا استجيب له " وعن الحسن : ما نجاه الله تعالى إلا بإقراره عن نفسه بالظلم.
أما قوله سبحانك فهو تنزيه عن كل النقائص ومنها العجز، وهذا يدل على أنه ما كان مراده من قوله :﴿فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ أنه ظن العجز، وإنما قال :﴿سبحانك﴾ لأن تقديره سبحانك أن تفعل ذلك جوراً أو شهوة للانتقام، أو عجزاً عن تخليصي عن هذا الحبس، بل فعلته بحق الإلهية وبمقتضى الحكمة.


الصفحة التالية
Icon