وقال الماوردى :
قوله تعالى :﴿ وَذَا النُّونِ ﴾
وهو يونس بن متى، سمي بذلك لأنه صاحب الحوت، كما قال تعالى :﴿ فَلاَ تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ ﴾ [ القلم : ٤٨ ] والحوت النون، نسب إليه لأنه ابتلعه، ومنه قول الشاعر :
يا جيد القصر نِعم القصر والوادي... وجيداً أهله من حاضر بادي
توفي قراقره والوحش راتعه... والضب والنون والملاح والحادي
يعني أنه يجتمع فيه صيد البر والبحر، وأهل المال والظهر، وأهل البدو والحضر.
﴿ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : يعني مراغماً للملك وكان اسمه حزقيا ولم يكن به بأس، حكاه النقاش.
الثاني : مغاضباً لقومه، قاله الحسن.
الثالث : مغاضباً لربه، قاله الشعبي، ومغاضبته ليست مراغمة، لأن مراغمة الله كفر لا تجوز على الأنبياء، وإنما هي خروجه بغير إذن، فكانت هي معصيته.
وفي سبب ذهابه لقومه وجهان :
أحدهما : أنه كان في خُلُقِه ضيق، فلما حملت عليه أثقال النبوة ضاق ذرعه بها ولم يصبر لها، وكذلك قال الله :﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُل ﴾ [ الأحقاف : ٣٥ ] قاله وهب.
الثاني : أنه كان من عادة قومه أن من كذب قتلوه، ولم يجربواْ عليه كذباً، فلما أخبرهم أن العذاب يحل بهم ورفعه الله عنهم، قال لا أرجع إليهم كذّاباً، وخاف أن يقتلوه فخرج هارباً.
﴿ فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ ﴾ فيه أربعة تأويلات :
أحدها : فظن أن لن نضيق طرقه، ومنه قوله :﴿ وَمَن قَدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ ﴾ [ الطلاق : ٧ ] أي ضيق عليه، قاله ابن عباس.
الثاني : فظن أن لن نعاقبه بما صنع، قاله قتادة، ومجاهد.


الصفحة التالية
Icon