الثالث : فظن أن لن نحكم عليه بما حكمنا، حكاه ابن شجرة، قال الفراء : معناه لن نُقِدرَ عليه من العقوبة ما قَدَّرْنَا، مأخوذ من القدر، وهو الحكم دون القدرة، وقرأ ابن عباس : نقدّر بالتشديد، وهو معنى ما ذكره الفراء، ولا يجوز أن يكون محمولاً على العجز عن القدرة عليه لأنه كفر.
الرابع : أنه على معنى استفهام، تقديره : أفظن أن لن نقدر عليه، فحذف ألف الاستفهام إيجازاً، قاله سليمان بن المعتمر.
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنها ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة جوف الحوت، قاله ابن عباس، وقتادة. الثاني : وقتادة.
الثاني : أنها ظلمة الحوت في بطن الحوت، قاله سالم بن أبي الجعد.
ويحتمل ثالثاً : أنها ظلمة الخطيئة، وظلمة الشدة، وظلمة الوحدة.
﴿ أَن لاَّ إِلهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ يعني لنفسي في الخروج من غير أن تأذن لي، ولم يكن ذلك عقوبة من الله، لأن الأنبياء لا يجوز أن يعاقبوا، وإنما كان تأديباً، وقد يؤدب من لا يستحق العقاب كالصبيان.
قوله تعالى :﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ ﴾ وفي استجابة الدعاء قولان :
أحدهما : أنه ثواب من الله للداعي ولا يجوز أن يكون غير ثواب.
والثاني : أنه استصلاح فربما كان ثواباً وربما كان غير ثواب.
﴿ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : من الغم بخطيئته.
الثاني : من بطن الحوت لأن الغم التغطية. وقيل : إن الله أوحى إلى الحوت ألاّ تكسر له عظماً، ولا تخدش له جلداً.
وحينما صار في بطنه : قال يا رب اتخذتَ لي مسجداً في مواضع ما اتخذها أحد.
وفي مدة لبثه في بطن الحوت ثلاثة أقاويل :
أحدها : أربعون يوماً.
الثاني : ثلاثة أيام.
الثالث : من ارتفاع النهار إلى آخره. قال الشعبي : أربع ساعات، ثم فتح الحوت فاه فرأى يونس ضوء الشمس، فقال : سبحانك إني كنت من الظالمين، فلفظه الحوت. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٣ صـ ﴾