وقال ابن عطية :
﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى ﴾
التقدير واذكر " ذا النون " والنون الحوت وصاحبه يونس بن متَّى عليه السلام، ونسب إلى الحوت الذي التقمه على الحالة التي يأتي ذكرها في موضعها الذي يقتضيه وهو نبي من أهل نينوى وهذا هو الذي قال فيه رسول الله ﷺ، " من قال إني خير من يونس بن متى فقد كذب "، وفي حديث آخر " لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى "، وهذا الحديث وقوله " لا تفضلوني على موسى " يتوهم أنها يعارضان قوله عليه السلام على المنبر " أنا سيد ولد آدم ولا فخر " والانفصال عن هذا بوجهين أحدهما ذكره الناس وهو أن يكون قوله " أنا سيد ولد آدم " متأخراً في التاريخ وأنها منزلة أعلمه الله تعالى بها لم يكن علمها وقت تلك المقالات الأخر، والوجه الثاني وهو عندي أحرى مع حال النبي عليه السلام، أنه إنما نهي عن التفضيل بين شخصين مذكورين وذهب مذهب التواضع ولم يزل سيد ولد آدم ولكنه نهى أن يفضل على موسى كراهية أن تغضب لذلك اليهود فيزيد نفارها عن الإيمان، وسبب الحديث يقتضي هذا، وذلك أن يهودياً قال لا والذي فضل موسى على العالمين، فقال له رجل من الأنصار تقول هذا ورسول الله ﷺ بين أظهرنا ولطمه فشري الأمر وارتفع إلى النبي ﷺ فنهى عن تفضيله على موسى ونهى عليه السلام عن تفضيله على يونس لئلا يظن أحد بيونس نقص فضيلة بسبب ما وقع له، فنهيه عليه السلام عن التفضيل على شخص معين وقوله في حديث ثالث " لا تفضلوا بين الأنبياء " وهذا كله مع قوله :" أنا سيد ولد آدم " وإطلاق الفضل له دون اقتران بأحد، بين صحيح وتأمل هذا، فإنه يلوح وقد قال عمر رضي الله عنه للحطيئة امدح ممدوحك ولا تفضل بعض الناس على بعض.