وقال أبو بكر النقاش : المعنى : مغاضباً من أجل ربِّه، وإِنما غضب لأجل تمرُّدهم وعصيانهم.
وقال ابن قتيبة : كان مَغِيظاً عليهم لطول ما عاناه من تكذيبهم، مشتهياً أن ينزل العذاب بهم، فعاقبه الله على كراهيته العفو عن قومه.
قوله تعالى :﴿ فظَنَّ أن لن نَقْدِرَ عليه ﴾ وقرأ يعقوب :"يُقَدَّر" بضم الياء وتشديد الدال وفتحها.
وقرأ سعيد بن جبير، وأبو الجوزاء، وابن أبي ليلى :"يُقْدَرَ" بياء مرفوعة مع سكون القاف وتخفيف الدال وفتحها.
وقرأ أبو عمران الجوني :"يَقْدِرَ" بياء مفتوحة وسكون القاف وكسر الدال خفيفة.
وقرأ الزهري، وابن يعمر، وحميد بن قيس :"نُقَدِّرَ" بنون مرفوعة وفتح القاف وكسر الدال وتشديدها.
ثم فيه ثلاثة أقوال.
أحدها : أن لن نقضي عليه بالعقوبة، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وقتادة، والضحاك.
قال الفراء : معنى الآية : فظن أن لن نقدر عليه ما قدرنا من العقوبة، والعرب تقول : قَدَر، بمعنى : قَدَّر، قال أبو صخر :
ولا عَائداً ذاكَ الزمانُ الذي مضى...
تباركتَ مَا تَقْدِرْ يَكُنْ ولكَ الشُّكرُ
أراد : ما تقدِّر، وهذا مذهب الزجاج.
والثاني : فظن أن لن نضيِّق عليه، قاله عطاء.
قال ابن قتيبة : يقال : فلان مُقَدَّر عليه، ومُقَتَّر عليه، ومنه قوله تعالى :﴿ فَقَدَرَ عليه رِزقَه ﴾ [ الفجر : ١٦ ] أي : ضيَّق عليه فيه.
قال النقاش : والمعنى : فظن أن لن يضيّق عليه الخروج، فكأنَّه ظن أن الله قد وسّع له، إِن شاء أن يقيم، وإِن شاء أن يخرج، ولم يؤذّن له في الخروج.
والثالث : أن المعنى : فظن أنه يعجز ربه، فلا يقدر عليه، رواه عوف عن الحسن.