وذكر الثعلبي وقال عطاء وسعيد بن جبير وكثير من العلماء معناه : فظن أن لن نضيق عليه.
قال الحسن : هو من قوله تعالى :﴿ الله يَبْسُطُ الرزق لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ ﴾ [ الرعد : ٢٦ ] أي يضيّق.
وقوله :﴿ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ ﴾ [ الطلاق : ٧ ].
قلت : وهذا الأشبه بقول سعيد والحسن.
وقَدَر وقُدِرَ وقَتَر وقُتِر بمعنى، أي ضُيّق وهو قول ابن عباس فيما ذكره الماوردي والمهدوي.
وقيل : هو من القدر الذي هو القضاء والحكم ؛ أي فظن أن لن نقضي عليه بالعقوبة ؛ قاله قتادة ومجاهد والفراء.
مأخوذ من القدر وهو الحكم دون القدرة والاستطاعة.
وروى عن أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب، أنه قال في قول الله عز وجل :﴿ فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ ﴾ هو من التقدير ليس من القدرة، يقال منه : قدرَ الله لك الخير يقدره قدراً، بمعنى قدّر الله لك الخير.
وأنشد ثعلب :
فليست عشيّات اللِّوَى برواجع...
لنا أبداً ما أورق السَّلَم النضْرُ
ولا عائد ذاك الزمان الذي مضى...
تباركت ما تقدِر يقعْ ولك الشكرُ
يعني ما تقدّره وتقضي به يقع.
وعلى هذين التأويلين العلماء.
وقرأ عمر بن عبد العزيز والزهري :"فَظَنَّ أَنْ لَنْ نُقَدِّرَ عَلَيْهِ" بضم النون وتشديد الدال من التقدير.
وحكى هذه القراءة الماوردي عن ابن عباس.
وقرأ عبيد بن عمير وقتادة والأعرج :"أَنْ لَنْ يُقَدَّرَ عَلَيْهِ" بضم الياء مشدداً على الفعل المجهول.
وقرأ يعقوب وعبد الله بن أبي إسحاق والحسن وابن عباس أيضاً "يُقْدَرَ عَلَيْهِ" بياء مضمومة وفتح الدال مخفّفاً على الفعل المجهول.
وعن الحسن أيضاً "فَظَنَّ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ".
الباقون "نَقْدِر" بفتح النون وكسر الدال وكله بمعنى التقدير.