وذلك أن داود كان إذا سبح سبحت الجبال معه.
وقيل : إنها كانت تصلي معه إذا صلى، وهو معنى التسبيح.
وقال بالمجاز جماعة آخرون وحملوا التسبيح على تسبيح من رآها تعجباً من عظيم خلقها وقدرة خالقها.
وقيل : كانت الجبال تسير مع داود، فكان من رآها سائرة معه سبح ﴿ والطير ﴾ معطوف على الجبال، وقرىء بالرفع على أنه مبتدأ وخبره محذوف، أي والطير مسخرات، ولا يصح العطف على الضمير في ﴿ يسبحن ﴾ لعدم التأكيد والفصل ﴿ وَكُنَّا فاعلين ﴾ يعني ما ذكر من التفهيم، وإيتاء الحكم والتسخير ﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ ﴾ اللبوس عند العرب : السلاح كله درعاً كان أو جوشناً، أو سيفاً، أو رمحاً.
قال الهذلي :
وعندي لبوس في اللباس كأنه... والمراد في الآية الدروع خاصة، وهو بمعنى الملبوس، كالركوب والحلوب، والجار والمجرور أعني لكم متعلق بعلمنا ﴿ لِتُحْصِنَكُمْ مّن بَأْسِكُمْ ﴾ قرأ الحسن وأبو جعفر وابن عامر وحفص وروح ﴿ لتحصنكم ﴾ بالتاء الفوقية، بإرجاع الضمير إلى الصنعة، أو إلى اللبوس بتأويل الدرع.
وقرأ شيبة وأبو بكر والمفضل وابن أبي إسحاق " لنحصنكم " بالنون بإرجاع الضمير إليه سبحانه.
وقرأ الباقون بالياء بإرجاع الضمير إلى اللبوس، أو إلى داود، أو إلى الله سبحانه.
ومعنى ﴿ مّن بَأْسِكُمْ ﴾ : من حربكم، أو من وقع السلاح فيكم ﴿ فَهَلْ أَنتُمْ شاكرون ﴾ لهذه النعمة التي أنعمنا بها عليكم، والاستفهام في معنى الأمر.
ثم ذكر سبحانه ما خص به سليمان.
فقال :﴿ ولسليمان الريح ﴾ أي وسخرنا له الريح ﴿ عَاصِفَةً ﴾ أي شديدة الهبوب.
يقال : عصفت الريح، أي اشتدت، فهي ريح عاصف وعصوف، وانتصاب ﴿ الريح ﴾ على الحال.