وقرأ عبد الرحمن الأعرج والسلمي وأبو بكر ﴿ ولسليمان الريح ﴾ برفع الريح على القطع مما قبله، ويكون مبتدأ وخبره تجري، وأما على قراءة النصب فيكون محل ﴿ تَجْرِي بِأَمْرِهِ ﴾ النصب أيضاً على الحالية، أو على البدلية ﴿ إِلَى الأرض التى بَارَكْنَا فِيهَا ﴾ وهي أرض الشام كما تقدّم ﴿ وَكُنَّا بِكُلّ شَيْء عالمين ﴾ أي بتدبير كلّ شيء ﴿ وَمِنَ الشياطين ﴾ أي وسخرنا من الشياطين ﴿ مَن يَغُوصُونَ لَهُ ﴾ في البحار ويستخرجون منها ما يطلبه منهم.
وقيل : إن " من " مبتدأ وخبره ما قبله، والغوص : النزول تحت الماء، يقال : غاص في الماء، والغوّاص : الذي يغوص في البحر على اللؤلؤ ﴿ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلك ﴾ قال الفراء : أي سوى ذلك، وقيل : يراد بذلك المحاريب والتماثيل وغير ذلك مما يسخرهم فيه ﴿ وَكُنَّا لَهُمْ حافظين ﴾ أي لأعمالهم.
وقال الفراء : حافظين لهم من أن يهربوا أو يتمنعوا، أو حفظناهم من أن يخرجوا عن أمره.
قال الزجاج : كان يحفظهم من أن يفسدوا ما عملوا، وكان دأبهم أن يفسدوا بالليل ما عملوا بالنهار.
﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ ﴾ معطوف على ما قبله، والعامل فيه : إما المذكور أو المقدّر كما مرّ، والعامل في الظرف وهو ﴿ إذ نادى ربه ﴾ هو العامل في أيوب ﴿ أَنّي مَسَّنِيَ الضر ﴾ أي بأني مسني الضرّ.
وقرىء بكسر " إني ".
واختلف في الضرّ الذي نزل به ماذا هو؟ فقيل : إنه قام ليصلي فلم يقدر على النهوض.
وقيل : إنه أقرّ بالعجز، فلا يكون ذلك منافياً للصبر.
وقيل : انقطع الوحي عنه أربعين يوماً.
وقيل : إن دودة سقطت من لحمه، فأخذها وردّها في موضعها فأكلت منه، فصاح : مسني الضرّ ؛ وقيل : كان الدود تناول بدنه فيصبر حتى تناولت دودة قلبه.
وقيل : إن ضرّه قول إبليس لزوجته : اسجدي لي، فخاف ذهاب إيمانها، وقيل : إنه تقذره قومه.
وقيل : أراد بالضرّ الشماتة، وقيل : غير ذلك.