إلخ، ومعنى ﴿ سبحانك ﴾ تنزيهاً لك من أن يعجزك شيء، إني كنت من الظالمين الذين يظلمون أنفسهم، قال الحسن وقتادة : هذا القول من يونس اعتراف بذنبه وتوبة من خطيئته، قال ذلك وهو في بطن الحوت.
ثم أخبر الله سبحانه بأنه استجاب له فقال :﴿ فاستجبنا لَهُ ﴾ دعاءه الذي دعانا به في ضمن اعترافه بالذنب على ألطف وجه ﴿ ونجيناه مِنَ الغم ﴾ بإخراجنا له من بطن الحوت حتى قذفه إلى الساحل ﴿ وكذلك نُنجِي المؤمنين ﴾ أي نخلصهم من همهم بما سبق من عملهم وما أعددناه لهم من الرحمة، وهذا هو معنى الآية الأخرى، وهي قوله :﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [ الصافات : ١٤٣، ١٤٤ ].
قرأ الجمهور :" ننجي " بنونين.
وقرأ ابن عامر " نُجّي " بنون واحدة وجيم مشدّدة وتسكين الياء على الفعل الماضي وإضمار المصدر، أي وكذلك نُجّي النجاءُ المؤمنين كما تقول : ضُرب زيداً، أي ضُرب الضربُ زيداً، ومنه قول الشاعر :
ولو ولدت قُفَيرة جرو كلب... لسبّ بذلك الجرو الكلابا
هكذا قال في توجيه هذه القراءة الفرّاء وأبو عبيد وثعلب، وخطأها أبو حاتم والزجاج وقالا : هي لحن لأنه نصب اسم ما لم يسمّ فاعله، وإنما يقال : نجي المؤمنون.
ولأبي عبيدة قول آخر، وهو أنه أدغم النون في الجيم وبه قال القتيبي.
واعترضه النحاس فقال : هذا القول لا يجوز عند أحد من النحويين لبعد مخرج النون من مخرج الجيم فلا تدغم فيها، ثم قال النحاس : لم أسمع في هذا أحسن من شيء سمعته من عليّ بن سليمان الأخفش قال : الأصل : ننجي، فحذف إحدى النونين لاجتماعهما كما يحذف إحدى التاءين لاجتماعهما نحو قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَفَرَّقُواْ ﴾ [ آل عمران : ١٠٣ ].
والأصل : ولا تتفرّقوا.