قلت : وكذا الواحدي عن أبي عليّ الفارسي أنه قال : إن النون الثانية تخفى مع الجيم، ولا يجوز تبيينها، فالتبس على السامع الإخفاء بالإدغام، فظن أنه إدغام، ويدلّ على هذا إسكانه الياء من نجي ونصب المؤمنين، ولو كان على ما لم يسم فاعله ما سكن الياء ولوجب أن يرفع المؤمنين.
قلت : ولا نسلم قوله : إنه لا يجوز تبيينها فقد بينت في قراءة الجمهور، وقرأ محمد بن السميفع وأبو العالية " وكذلك نجى المؤمنين " على البناء للفاعل، أي نجى الله المؤمنين.
وقد أخرج ابن جرير عن مرّة في قوله :﴿ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الحرث ﴾ قال : كان الحرث نبتاً فنفشت فيه ليلاً فاختصموا فيه إلى داود، فقضى بالغنم لأصحاب الحرث، فمرّوا على سليمان فذكروا ذلك له.
فقال : لا، تدفع الغنم فيصيبون منها ويقوم هؤلاء على حرثهم، فإذا كان كما كان ردّوا عليهم فنزلت :﴿ ففهمناها سليمان ﴾ وقد روي هذا عن مرّة عن ابن مسعود.
وأخرج ابن جرير والحاكم وابن مردويه، والبيهقي في سننه عن ابن مسعود في قوله :﴿ وَدَاوُدَ وسليمان إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الحرث ﴾ قال : كرم قد أنبتت عناقيده فأفسدته الغنم، فقضى داود بالغنم لصاحب الكرم، فقال سليمان : غير هذا يا نبيّ الله قال : وما ذاك؟ قال : يدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان، وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها، حتى إذا عاد الكرم كما كان دفعت الكرم إلى صاحبه والغنم إلى صاحبها، فذلك قوله :﴿ ففهمناها سليمان ﴾.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مسروق نحوه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس نحوه، ولكنه لم يذكر الكرم.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف، وابن جرير وابن المنذر، وابن مردويه عنه نحوه بأطول منه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ نَفَشَتْ ﴾ قال : رعت.