ثم أخبر تعالى أنهم بعد ذلك اختلفوا ﴿ وتقطعوا أمرهم ﴾ وقرأ الجمهور ﴿ أمتكم ﴾ بالرفع خبر إن ﴿ أمة واحدة ﴾ بالنصب على الحال، وقيل بدل من ﴿ هذه ﴾ وقرأ الحسن ﴿ أمتكم ﴾ بالنصب بدل من ﴿ هذه ﴾.
وقرأ أيضاً هو وابن إسحاق والأشهب العقيلي وأبو حيوة وابن أبي عبلة والجعفي وهارون عن أبي عمرو والزعفراني ﴿ أمتكم أمة واحدة ﴾ برفع الثلاثة على أن ﴿ أمتكم ﴾ و﴿ أمة واحدة ﴾ خبر ﴿ إن ﴾ أو ﴿ أمة واحدة ﴾ بدل من ﴿ أمتكم ﴾ بدل نكرة من معرفة، أو خبر مبتدأ محذوف أي هي ﴿ أمة واحدة ﴾ والضمير في ﴿ وتقطعوا ﴾ عائد على ضمير الخطاب على سبيل الالتفات أي وتقطعتم.
ولما كان هذا الفعل من أقبح المرتكبات عدل عن الخطاب إلى لفظ الغيبة كأن هذا الفعل ما صدر من المخاطب لأن في الإخبار عنهم بذلك نعياً عليهم ما أفسدوه، وكأنه يخبر غيرهم ما صدر من قبيح فعلهم ويقول ألا ترى إلى ما ارتكب هؤلاء في دين الله جعلوا أمر دينهم قطعاً كما يتوزع الجماعة الشيء لهذا نصيب ولهذا نصيب، تمثيلاً لاختلافهم ثم توعدهم برجوع هذه الفرقة المختلفة إلى جزائه.
وقيل : كل من الثابت على دينه الحق والزائغ عنه إلى غيره.
وقرأ الأعمش زبراً بفتح الباء جمع زبرة، ثم ذكر حال المحسن وأنه لا يكفر سعيه والكفران مثل في حرمان الثواب كما أن الشكر مثل في إعطائه إذا قيل لله شكور ولا لنفي الجنس فهو أبلغ من قوله فلا يكفر سعيه، والكتابة عبارة عن إثبات عمله الصالح في صحيفة الأعمال ليثاب عليه، ولا يضيع، والكفران مصدر كالكفر.
قال الشاعر :
رأيت أناساً لا تنام جدودهم...
وجدي ولا كفران لله نائم
وفي حرف عبد الله لا كفر و﴿ لسعيه ﴾ متعلق بمحذوف، أي نكفر ﴿ لسعيه ﴾ ولا يكون متعلقاً بكفران إذ لو كان متعلقاً به لكان اسم لا مطولاً فيلزم تنوينه. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٦ صـ ﴾