وقال ابن عطية :
﴿ إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا الحسنى ﴾
ولما اعترض ابن الزبعرى بأمر عيسى ابن مريم وعزيز نزلت ﴿ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى ﴾ مبينة ان هؤلاء ليسوا تحت المراد لأنهم لم يرضوا ذلك ولا دعوا إليه، و﴿ الحسنى ﴾ يريد كلمة الرحمة والحتم بالتفضيل، و" الحسيس " الصوت وهو الجملة ما يتأدى إلى الحس من حركة الأجرام وهذه صفة لهم بعد دخولهم الجنة لأن الحديث يقتضي أن في الموقف تزفر جهنم زفرة لا يبقى نبي ولا ملك إلا جثا على ركبتيه، و﴿ الفزع الأكبر ﴾ عام في كل هول في يوم القيامة فكأن يوم القيامة بجملته هو ﴿ الفزع الأكبر ﴾ وإن خصص بشيء من ذلك فيجب أن يقصد لأعظم هوله، قالت فرقة في ذلك هو ذبح الموت، وقالت فرقة هو وقوع طبق جهنم على جهنم، وقال فرقة هو الأمر بأهل النار إلى النار، وقالت فرقة هو النفخة الآخرة.
قال القاضي أبو محمد : وهذا وما قبله من الأَوقات أشبه أن يكون فيها ﴿ الفزع ﴾ لأَنها وقت لترجم الظنون وتعرض الحوادث، فأما وقت ذبح الموت ووقوع الطبق فوقت قد حصل فيه أهل الجنة في الجنة فذلك فزع بين إلا أنه لا يصيب أحداً من أهل الجنة فضلاً عن الانبياء، اللهم إلا أن يريد لا يحزنهم الشيء الذي هو عند أهل النار فزع أكبر، فأما إن كان فزعاً للجميع فلا بد مما قلنا من أنه قبل دخول الجنة وقد ذهب بعض الناس إلى أن قوله تعالى ﴿ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى ﴾ يعم كل مؤمن.
وروي عن علي بن طالب رضي الله عنه أنه قال عثمان منهم ع ولا مرية أنها مع نزولها في خصوص مقصود تتناول كل من سعد في الآخرة وقوله تعالى :﴿ وتتلقاهم الملائكة ﴾ يريد بالسلام عليهم والتبشير لهم، أي هذا يومكم الذي وعدتم فيه الثواب والنعيم.
﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ﴾