وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الحسنى ﴾
أي الجنة ﴿ أولئك عَنْهَا ﴾ أي عن النار ﴿ مُبْعَدُونَ ﴾ فمعنى الكلام الاستثناء ؛ ولهذا قال بعض أهل العلم :"إن" هاهنا بمعنى "إلا" وليس في القرآن غيره.
وقال محمد بن حاطب : سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقرأ هذه الآية على المنبر ﴿ إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الحسنى ﴾ فقال سمعت النبيّ ﷺ يقول :"إن عثمان منهم".
قوله تعالى :﴿ لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا ﴾ أي حسّ النار وحركة لهبها.
والحسيس والحسّ الحركة.
وروى ابن جريج عن عطاء قال : قال أبو راشد الحَروريّ لابن عباس :﴿ لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا ﴾ فقال ابن عباس أمجنون أنت؟ فأين قوله تعالى :﴿ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا ﴾ [ مريم : ٧١ ] وقوله تعالى :﴿ فَأَوْرَدَهُمُ النار ﴾ [ هود : ٩٨ ] وقوله :﴿ إلى جَهَنَّمَ وِرْداً ﴾ [ مريم : ٨٦ ].
ولقد كان من دعاء من مضى : اللهم أخرجني من النار سالماً، وأدخلني الجنة فائزاً.
وقال أبو عثمان النهدي : على الصراط حيات تلسع أهل النار فيقولون : حَسّ حَسّ.
وقيل : إذا دخل أهل الجنة الجنة لم يسمعوا حسّ أهل النار وقبل ذلك يسمعون ؛ فالله أعلم.
﴿ وَهُمْ فِي مَا اشتهت أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ ﴾ أي دائمون وهم فيما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين.
وقال :﴿ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تشتهى أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾.
قوله تعالى :﴿ لاَ يَحْزُنُهُمُ الفزع الأكبر ﴾ وقرأ أبو جعفر وابن محيصن "لاَ يُحْزِنُهُمْ" بضم الياء وكسر الزاي.
الباقون بفتح الياء وضم الزاي.
قال اليزيدي : حزنه لغة قريش، وأحزنه لغة تميم، وقد قرىء بهما.
والفزع الأكبر أهوال يوم القيامة والبعث ؛ عن ابن عباس.
وقال الحسن : هو وقت يؤمر بالعباد إلى النار.