وقال بعضهم : الحق وقوع الأمرين جميعاً إعادة ما انعدم بعينه وإعادة ما تفرق بإعراضه، وأنت تعلم أن الأخبار صحت ببقاء عجب الذنب من الإنسان فإعادة الإنسان ليست كبدئه، وكذا روى أن الله تعالى عز وجل حرم على الأرض أجساد الأنبياء وهو حديث حسن عند ابن العربي، وقال غيره : صحيح، وجاء نحو ذلك في المؤذنين احتساباً وحديثهم في الطبراني ؛ وفي حملة القرآن وحديثهم عند ابن منده، وفيمن لم يعمل خطيئة قط وحديثهم عن المروزي فلا تغفل، وكذا في كون البدء جمعاً من الأجزاء المتفرقة إن صح في المركب من العناصر كالإنسان لا يصح في نفس العناصر مثلاً لأنها لم تخلق أولاً من أجزاء متفرقة بإجماع المسلمين فلعل ما ذكرناه في وجوه الشبه أبعد عن القال والقيل.
واعترض جعل ﴿ أَوَّلُ ﴾ مفعول بدأنا بأن تعلق البداءة بأول الشيء المشروع فيه ركيك لا يقال بدأت أول كذا وإنما يقال بدأت كذا وذلك لأن بداية الشيء هي المشروع فيه والمشروع يلاقي الأول لا محالة فيكون ذكره تكراراً ونظراً فيه بأن المراد بدأنا ما كان أولاً سابقاً في الوجود وليس المراد بالأول أول الأجزاء حتى يتوهم ما ذكر، وقيل ﴿ أَوَّلَ خَلْقٍ ﴾ مفعول نعيد الذي يفسره ﴿ نُّعِيدُهُ ﴾ والكاف مكفوفة بما أي نعيد أول خلق نعيده وقد تم الكلام بذلك ويكون ﴿ كَمَا بَدَأْنَا ﴾ جملة منقطعة عن ذلك على معنى تحقق ذلك مثل تحققه، وليس المعنى على إعادة مثل البد، ومحل الكاف في مثله الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف جيء به تأكيداً، والمقام يقتضيه كما يشعر به التذنيب فلا يقال : إنه لا داعي إلى ارتكاب خلاف الظاهر، وتنكير ﴿ خُلِقَ ﴾ لإرادة التفصيل وهو قائم مقام الجمع في إفادة تناول الجميع فكأنه قيل نعيد المخلوقين الأولين.