وجوز أن تنصب الكاف بفعل مضمر يفسره ﴿ نُّعِيدُهُ ﴾ وما موصولة و﴿ أَوَّلُ ﴾ ظرف لبدأنا لأن الموصول يستدعي عائداً فإذا قدر هنا يكون مفعولاً، ولأل قابلية النصب على الظرفية فينصب عليها، ويجوز أن يكون في موضع الحال من ذلك العائد، وحاصل المعنى نعيد مثل الذي بدأناه في أول خلق أو كائناً أول خلق، والخلق على الأول مصدر وعلى الثاني بمعنى المخلوق، وجوز كون ما موصوفة وباقي الكلام بحاله.
وتعقب أبو حيان نصف الكاف بأنه قول باسميتها وليس مذهب الجمهور وإنما ذهب إليه الأخفش، ومذهب البصريين سواه أن كونها اسماً مخصوص بالشعر، وأورد نحوه على القول بأن محلها الرفع في الوجه السابق، وإذا قيل بأن للمكفوفة متعلقاً كما اختاره بعضهم خلافاً للرضى ومن معه فليكن متعلقها خبر مبتدأ محذوف هناك، ورجح كون المراد نعيد مثل الذي بدأناه في أول خلق بما أخرجه ابن جرير عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت دخل على رسول الله ﷺ وعندي عجوز من بني عامر فقال : من هذه العجوز يا عائشة؟ فقلت : إحدى خالاتي فقالت : ادع الله تعالى أن يدخلني الجنة فقال عليه الصلاة والسلام : إن الجنة لا يدخلها العجز فأخذ العجوز ما أخذها فقال ﷺ : إن الله تعالى ينشئهن خلقاً غير خلقهن ثم قال : تحشرون حفاة عراة غلفاً فقالت : حاش لله تعالى من ذلك فقال رسول الله ﷺ : بلى إن الله تعالى قال :﴿ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ﴾ ومثل هذا المعنى حاصل على ما جوزه ابن الحاجب من كون ﴿ كَمَا بَدَأْنَا ﴾ في موضع الحال من ضمير ﴿ نُّعِيدُهُ ﴾ أي نعيد أول خلق مماثلاً للذي بدأناه، ولا تغفل عما يقتضيه التشبيه من مغايرة الطرفين، وأياً ما كان فالمراد الأخبار بالبعث وليست ما في شيء من الأوجه خاصة بالسماء إذ ليس المعنى عليه ولا اللفظ يساعده.