وقيل : السِّجِلُّ سامُ مَلَكٍ يَطْوي كتبَ أعمالِ بني آدم. وقيل : اسمُ رجلٍ كان يكتب لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم. وعلى هذين القولين يكون المصدرُ مضافاً لفاعله. و" الكتاب " اسمٌ للصحيفةِ المكتوبِ فيها. وقال أبو إسحاق :" السِّجِلُّ : الرجلُ بلسان الحبشة ". وقال الزمخشري : كما يطوى الطُّومارُ للكتابة، أي : ليُكتبَ فيه، أو لما يُكتب فيه ؛ لأن الكتابَ أصلُه المصدرُ كالبناء ثم يوقع على المكتوب ". فقدَّره الزمخشريُّ من الفعلِ المبنيِّ للمفعول.
وقد عَرَفْتَ ما فيه من الخلاف.
واللام في " للكتاب " : إمَّا مزيدةٌ في المفعولِ إنْ قلنا إنَّ المصدرَ مضافٌ لفاعلِه، وإمَّا متعلقةٌ بطَيّ، وإمَّا بمعنى " على ". وهذا ينبغي أَنْ لا يجوزَ لبُعْدِ معناه على كل قولٍ. والقراءاتُ المذكورةُ في " السِّجِلْ " كلُّها لغات. وقرأ الأخَوان وحفص " للكتب " جمعاً، والباقون " للكتاب " مفرداً، والرسُم يحتملهما : فالإِفرادُ يُراد به الجنسُ، والجمعُ للدلالةِ على الاختلافِ.
قوله :﴿ كَمَا بَدَأْنَآ ﴾ في متعلِّقِ هذه الكافِ وجهان، أحدُهما : أنَّها متعلقةٌ ب " نُعِيده "، و" ما " مصدريةٌ و" بدأنا " صلتُها، فهي وما في حَيِّزِها في محلِّ جر بالكاف. و" أولَ خَلْقٍِ " مفعولُ " بَدَأْنا "، والمعنى : نُعيد أولَ خَلْقٍ إعادةً مثلَ بَداءَتِنا له أي : كما أبْرَزْناه من العَدَمِ إلى الوجودِ نُعيده من العَدَمِ إلى الوجود. وإلى هذا نحا أبو البقاء فإنه قال :" الكافُ نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ أي : نُعيده عَوْداً مثلَ بَدْئه " وفي قولِه :" عَوْد " نظرٌ إذ الأحسنُ أَنْ يقولَ : إعادة.


الصفحة التالية
Icon