ويؤيد أن هذه الزلزلة تكون بعد البعث ما في الصحيحين وغيرهما : مسلم في الإيمان وهذا لفظه، والبخاري عند تفسير هذه الآية عن أبي سعيد الخدري ـ رضى الله عنهم ـ رفعه :" يقول الله عز وجل : يا آدم! فيقول : لبيك وسعديك! والخير في يديك، قال : يقول : أخرج بعث النار، قال : وما بعث النار؟ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون، فذلك حين يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها " الحديث والأحاديث في ذلك كثيرة، ومعارضها ضعيف، والمناسب أيضاً لما في آخر تلك من قوله ﴿فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا﴾ [ الأنبياء : ٩٧ ] وما تبعه أن هذه الزلزلة بعد القيام من القبور ﴿يوم نطوي السماء﴾ [ الأنبياء : ١٠٤ ] ﴿إذا السماء انفطرت﴾ [ الانفطار : ١ ] إلى قوله :﴿علمت نفس ما قدمت وأخرت﴾ [ الانفطار : ٥ ] ويمكن أن يكون المراد هذا وما قبله لأن يوم الساعة طويل، فنسبة الكل إليها على حد سواء.
ولما كان الناس كلهم يرون الزلزلة، ولا يرى الإنسان السكر - إلا من غيره قال في الزلزلة ﴿ترونها﴾ وقال في ﴿السكر﴾ :﴿وترى الناس سكارى﴾ أي لما هم فيه من الدهش والحيرة والبهت لما شاهدوا من حجاب العز وسلطان الجبروت وسرادق الكبرياء، ثم دل على أن ذلك ليس على حقيقته بقوله، نافياً لما يظن إثباته بالجملة الأولى :﴿وما هم بسكارى﴾ أي من الخمر.
ولما نفى أن يكونوا سكارى من الخمر، أثبت ما أوجب لهم تلك الحالة فقال :﴿ولكن عذاب الله﴾ ذي العز والجبروت ﴿شديد﴾ فهو الذي وجب أن يظن بهم السكر، لأنه أذهب خوفه حولهم، وطير هوله عقولهم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٥ صـ ١٢٩ ـ ١٣٢﴾


الصفحة التالية
Icon