وقال ابن فارس في المُجْمَل :" حِطّة" كلمة أمر بها بنو إسرائيل لو قالوها لحطّت أوزارهم.
وقاله الجوهري أيضاً في الصحاح.
قلت : يحتمل أن يكونوا تعبّدوا بهذا اللفظ بعينه، وهو الظاهر من الحديث.
روى مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :" قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سُجَّداً وقولوا حِطّةٌ يُغفر لكم خطاياكم ( فبدّلوا ) فدخلوا الباب يَزْحَفُون على أستاههم وقالوا حَبّةٌ في شَعرة " وأخرجه البخاري وقال :" فبدلوا وقالوا حِطَّةَ حبّةٌ في شعرة " في غير الصحيحين :" حنطة في شَعَر " وقيل : هِطّا سُمْهاثا.
وهي لفظة عبرانية، تفسيرها : حنطة حمراء ؛ حكاها ابن قتيبة، وحكاه الهروِي عن السدّي ومجاهد.
وكان قصدهم خلاف ما أمرهم الله به فعصوا وتمرّدوا واستهزءوا ؛ فعاقبهم الله بالرجز وهو العذاب.
وقال ابن زيد : كان طاعونا أهلك منهم سبعين ألفاً.
ورُوِيَ أن الباب جُعل قصيراً ليدخلوه ركّعاً فدخلوه متورّكين على أستاههم.
والله أعلم.
السادسة : استدل بعض العلماء بهذه الآية على أن تبديل الأقوال المنصوص عليها في الشريعة لا يخلو أن يقع التعبُّد بلفظها أو بمعناها ؛ فإن كان التعبُّد وقع بلفظها فلا يجوز تبديلها ؛ لذمّ الله تعالى مَن بدّل ما أمره بقوله.
وإن وقع بمعناها جاز تبديلها بما يؤدّي إلى ذلك المعنى ؛ ولا يجوز تبديلها بما يخرج عنه.
وقد اختلف العلماء في هذا المعنى ؛ فحُكِيَ عن مالك والشافعيّ وأبي حنيفة وأصحابهم أنه يجوز للعالم بمواقع الخطاب البصير بآحاد كلماته نقل الحديث بالمعنى لكن بشرط المطابقة للمعنى بكماله ؛ وهو قول الجمهور.
ومنع ذلك جمعٌ كثير من العلماء منهم ابن سِيرين والقاسم بن محمد ورجاء بن حَيْوَة.
وقال مجاهد : انْقُصْ من الحديث إن شئت ولا تزد فيه.
وكان مالك بن أنس يشدّد في حديث رسول الله ﷺ في التاء والياء ونحو هذا.