وإنما يحسن أن تقول : هذا رسول عبد اللَّه الذي أرسله إلى عمرو، وهذا قتيل زيد الذي قتله بالأمس أو في وقعة كذا.
والله وليّ التوفيق.
فإن قيل : إذا جاز للرّاوي الأوّل تغيير ألفاظ الرسول عليه السلام جاز للثاني تغيير ألفاظ الأوّل، ويؤدّي ذلك إلى طمس الحديث بالكلية لدقة الفروق وخفائها.
قيل له : الجواز مشروط بالمطابقة والمساواة كما ذكرنا ؛ فإن عُدمت لم يجز.
قال ابن العربيّ : الخلاف في هذه المسألة إنما يُتصوّر بالنظر إلى عصر الصحابة والتابعين لتساويهم في معرفة اللغة الجِبِلّية الذّوقية ؛ وأما من بعدهم فلا نشك في أن ذلك لا يجوز ؛ إذ الطباع قد تغيّرت، والفهوم قد تباينت، والعوائد قد اختلفت ؛ وهذا هو الحق.
والله أعلم.
قال بعض علمائنا : لقد تعاجم ابن العربيّ رحمه الله ؛ فإن الجواز إذا كان مشروطاً بالمطابقة فلا فرق بين زمن الصحابة والتابعين وزمن غيرهم ؛ ولهذا لم يفصّل أحد من الأصوليين ولا أهل الحديث هذا التفصيل.
نعم، لو قال : المطابقة في زمنه أبعد كان أقرب، والله أعلم.
السابعة : قوله تعالى :﴿نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ﴾ قراءة نافع بالياء مع ضمها.
وابن عامر بالتاء مع ضمها، وهي قراءة مجاهد.
وقرأها الباقون بالنون مع نصبها، وهي أبينها ؛ لأن قبلها ﴿وَإِذْ قُلْنَا ادخلوا﴾ فجرى ﴿نَّغْفِرْ﴾ على الإخبار عن الله تعالى ؛ والتقدير وقلنا ادخلوا الباب سُجّداً نغفر، ولأن بعده ﴿وَسَنَزِيدُ﴾ بالنون.
و﴿خَطَايَاكُمْ﴾ اتباعا للسواد وأنه على بابه.
ووجه من قرأ بالتاء أنه أنث لتأنيث لفظ الخطايا ؛ لأنها جمع خطيئة على التكسير.
ووجه القراءة بالياء أنه ذكر لما حال بين المؤنث وبين فعله ؛ على ما تقدّم في قوله :﴿فتلقى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾.