والأول :( يمتنع ) لأنّ الله تعالى لم يباشرهم بالخطاب إلا على لسان نبيه إلا أن يكون الخطاب لجماعة أنبياء وهو بعيد.
والثاني : أيضا ممتنع لأنهم غائبون عن الخطاب، وفعل الآمر الغائب إنما يكون باللام فكيف ( يقول ) :" ادْخُلُوا ".
وأجيب باختيار أنه مباشرة، وأن قول الرّسول لهم منزل منزلة خطاب الله لهم قال الله تعالى :﴿مَّن يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله﴾ وكما يقول الملك : بنيت داري، وكاتبت فلانا ( بكذا ) وهو لم يفعله بنفسه، إنما فعله أعوانه وخدمه.
قال ابن عرفة : والقرية إن أريد بها بيت المقدس فصيغة أفعل للطلب، وإن أريد بها ( أريحا ) فهي للاباحة.
قيل لابن عرفة : هذا أمر ورد عقب الحظر فهو للإباحة ( مطلقا ) ؟
فقال : لم يرد عقب الحظر القولي، وإنما ( ورد ) عقب ( الحظر ) الجبري ( المعلن ) بالبقاء في أرض وعدم التمكن في الخروج عنها أربعين سنة ولم يقع هنالك نهي بالقول حتى يكون هذا أمر بعده.
قيل له : قد قال تعالى :﴿قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾ فقال : هذا إخبار عن واقع، لأنهم كلفوا بالبقاء فيها وعدم الخروج بل منعوا من ذلك فمقامهم ليس باختيارهم لأجل التكليف به، بل جبرا واضطرارا لأجل عدم قدرتهم على الخروج.
قال ابن عرفة : وعموم " حيث شئتم " مخصوص بالمساجد، ( فإنه ) يمتنع الأكل فيها.
قوله تعالى :﴿وادخلوا الباب سُجَّداً...﴾.
أعيد لفظ " ادْخُلُوا " ( لأجل وصفهم ) سجدا فليس بتكرار، والمراد بالسجود الركوع لتعذر الدخول حالة السجود أو يكون حالا مقدرة، فيكون الدخول سابقا على السجود.


الصفحة التالية
Icon