هذا مذهب سيبويه في دخل، إنها تتعدّى إلى المختص من ظرف المكان بغير وساطة في، فإن كان الظرف مجازياً تعدّت بفي، نحو : دخلت في غمار الناس، ودخلت في الأمر المشكل.
ومذهب الأخفش والجرمي أن مثل : دخلت البيت، مفعول به لا ظرف مكان، وهي مسألة تذكر في علم النحو.
والألف واللام في القرية للحضور، وانتصاب القرية على النعت، أو على عطف البيان، كما مرّ في إعراب الشجرة من قوله :﴿ولا تقربا هذه الشجرة﴾ وإن اختلفت جهتا الإعراب في هذه، فهي في :﴿ولا تقربا هذه﴾ مفعول به، وهي هنا على الخلاف الذي ذكرناه.
والقرية هنا بيت المقدس، في قول الجمهور، قاله ابن مسعود وابن عباس وقتادة والسدّي والربيع وغيرهم.
وقيل : أريحا، قاله ابن عباس أيضاً، وهي بأرض المقدس.
قال أبو زيد عمر بن شبة النمري : كانت قاعدة ومسكن ملوك، وفيها مسجد هو بيت المقدس، وفي المسجد بيت يسمى إيليا.
وقال الكواشي : أريحا قرية الجبارين، كانوا من بقايا عاد، يقال لهم : العمالية ورأسهم : عوج بن عنق، وقيل : الرملة، قاله الضحاك ؛ وقيل : أيلة، وقيل : الأردن ؛ وقيل : فلسطين ؛ وقيل : البلقاء ؛ وقيل : تدمر، وقيل : مصر ؛ وقيل : قرية بقرب بيت المقدس غير معينة أمروا بدخولها ؛ وقيل : الشام.
روي ذلك عن ابن كيسان، وقد رجح القول الأوّل لقوله في المائدة :
﴿ادخلوا الأرض المقدّسة﴾ قيل : ولا خلاف، أن المراد في الآيتين واحد.
وردّ هذا القول بقوله : فبدّل لأن ذلك يقتضي التعقيب في حياة موسى، لكنه مات في أرض التيه ولم يدخل بيت المقدس.
وأجاب من قال إنها بيت المقدس بأن الآية ليس فيها ما يدل على أن القول كان على لسان موسى، وهذا الجواب وهم، لأنه قد تقدّم أن المراد في هذه الآية وفي التي في المائدة من قوله : ادخلوا الأرض المقدّسة واحد، والقائل ذلك في آية المائدة قطعاً.


الصفحة التالية
Icon