فهذه الآية تنطبق على هذه القصة تمام الانطباق لا سيما إذا ضمت لها آية سورة [ المائدة : ٢١، ٢٥ ] ﴿يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم إلى قوله الفاسقين﴾
فقوله :﴿ادخلوا هذه القرية﴾ الظاهر أنه أراد بها " حبرون" التي كانت قريبة منهم والتي ذهب إليها جواسيسهم وأتوا بثمارها، وقيل : أراد من القرية الجهة كلها قاله القرطبي عن عمرو بن شبة فإن القرية تطلق على المزرعة لكن هذا يبعده قوله :﴿وادخلوا الباب﴾ وإن كان الباب يطلق على المدخل بين الجبلين وكيفما كان ينتظم ذلك مع قوله :﴿فكلوا منها حيث شئم رغداً﴾ يشير إلى الثمار الكثيرة هناك.
وقوله :﴿فبدل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم﴾ يتعين أنه إشارة إلى ما أشاعه الجواسيس العشرة من مذمة الأرض وصعوبتها وأنهم لم يقولوا مثل ما قال موسى حيث استنصت الشعب بلسان كالب بن بَفُنَّة ويوشع ويدل لذلك قوله تعالى في سورة الأعراف ( ١٦٢ ) ﴿فبدل الذين ظلموا منهم قولاً﴾ أي من الذين قيل لهم ادخلوا القرية وأن الرجز الذي أصاب الذين ظلموا هو الوباء الذي أصاب العشرة الجواسيس، وينتظم ذلك أيضاً مع قوله في آية المائدة ( ٢١، ٢٢ ) ﴿ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين﴾ قالوا يا موسى إن فيها قوماً جبارين إلخ وقوله :﴿قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب﴾ [ المائدة : ٢٣ ] فإن الباب يناسب القرية.
وقوله :﴿قال فإنها محرمة عليهم﴾ [ المائدة : ٢٦ ].
فهذا هو التفسير الصحيح المنطبق على التاريخ الصريح.
فقوله :﴿وإذ قلنا﴾ أي على لسان موسى فبلغه للقوم بواسطة استنصات كالب بن بَفُنَّة، وهذاهو الذي يوافق ما في سورة العقود في قوله تعالى :﴿يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم﴾ الآيات.


الصفحة التالية
Icon