أحدها : قول الخليل [ أنّ ] أصلها " خَطَايىء " بيا ء بعد الألف، ثم همزة ؛ لأنها جمع " خطيئة " مثل :" صَحِيْفة وصَحَايف "، فلو تركت على حالها لوجب قَلْبُ الياء همزة ؛ لأن مدة " فَعَايل " يفعل بها كذا، على ما تقرر في التصريف، فضر من ذلك، لئلا تجتمع همزتان، بأن قلب فقام اللام، وأخّر عنها المدّة فصارت :" خَطَائي "، فاستثقلت الكسرة على حرف ثقيل في نفسه، وبعده ياء من جنس الكَسْرَةِ فقلبوا الكسرة فتحة، فتحرك حرف العّلة، وانفتح ما قبله فقلبت ألفاً، فصارت :" خَطَاءا " بهمز بين ألفين، فاستثقلوا ذلك، فإنّ الهمزة تشبه الألف، فكأنه اجتمع ثلاث ألفات، فقلبوا الهمزة ياء ؛ لأنها واقعة موقعها قبل القَلْبِ، فصارت " خَطَايَا " على وزن " فَعَالَى " ففيها أربعة أعمال : قلب، وإبدال لكسرة فتحة، وقلب الياء ألفاًن وإبدال الهمزة ياء، هكذا ذكر التصريفيون، وهو مذهب الخليل.
الثاني : وعزاه " أبو البقاء " إليه أيضاً أنه :" خطائيء " يهمزتين : الأولى منهما مكسورة وهي المنقلبة عن الياء الزائدة في " خَطِيْئة " فهو مثل " صَحِيْفة " و" صَحَائف "، فاستثقلوا الجمع بين الهمزتين، فنقلوا الهمزة الأولى إلى موضع الثانية، فصار وزنه " فَعَلى "، وإنما فَعَلوا ذلك، لتصير المكسورة ظرفاً، فتنقلب ياء، فتصير " فعالىْ "، ثم أبدلوا من كسرة الهمزة الأولى فتحة، فانقلبت الياء بعدا ألفاً كما قالوا في : يا لَهْفى " " ويا أَسَفى "، فصارت الهمزة بين ألفين، فأبْدِل منها يا، لأن الهمزة قريبة من الألف، فاستنكروا اجتماع ثلاث ألفات.
فعلى هذا فيها خمسة تغييرات : تقديم اللام، وإبدال الكسرة فتحة، وإبدال الهمزة الأخيرة ياء، ثم إبدالها ألفاً، ثم إبدال الهمزة التي هي لام ياء.
والقول الأول أَوْلَى، لقلّة العمل، فيكون للخليل في المسألة قولان.


الصفحة التالية
Icon