الأول : أن الظلم قد يكون من الصغائر، وقد يكون من الكبائر، ولذلك وصف الله الأنبياء بالظلم في قوله تعالى :﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا﴾ [ الأعراف : ٢٣ ] ولأنه تعالى قال :﴿إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [ لقمان : ١٣ ] ولو لم يكن الظلم إلا عظيماً لكان ذكر العظيم تكريراً والفسق لا بد وأن يكون من الكبائر فلما وصفهم الله بالظلم أولاً : وصفهم بالفسق، ثانياً : ليعرف أن ظلمهم كان من الكبائر لا من الصغائر.
الثاني : يحتمل أنهم استحقوا اسم الظالم بسبب ذلك التبديل فنزل الرجز عليهم من السماء بسبب ذلك التبديل بل للفسق الذي كانوا فعلوه قبل ذلك التبديل وعلى هذا الوجه يزول التكرار.
النوع الثاني من الكلام في هذه الآية : اعلم أن الله تعالى ذكر هذه الآية في سورة الأعراف وهو قوله :﴿وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسكنوا هذه القرية وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وادخلوا الباب سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خطيئاتكم سَنَزِيدُ﴾ [ الأعراف : ١٦١، ١٦٢ ] واعلم أن من الناس من يحتج بقوله تعالى :﴿فَبَدَّلَ الذين ظَلَمُواْ﴾ على أن ما ورد به التوقيف من الأذكار أنه غير جائز تغييرها ولا تبديلها بغيرها، وربما احتج أصحاب الشافعي رضي الله عنه في أنه لا يجوز تحريم الصلاة بلفظ التعظيم والتسبيح ولا تجوز القراءة بالفارسية وأجاب أبو بكر الرازي بأنهم إنما استحقوا الذم لتبديلهم القول إلى قول آخر يضاد معناه معنى الأول، فلا جرم استوجبوا الذم، فأما من غير اللفظ مع بقاء المعنى فليس كذلك والجواب أن ظاهر قوله :﴿فَبَدَّلَ الذين ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الذي قِيلَ لَهُمْ﴾ يتناول كل من بدل قولاً بقول آخر سواء اتفق القولان في المعنى أو لم يتفقا. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣ صـ ٨٥ ـ ٨٦﴾
وقال البغوى :